بِهِ التَّصْرِيَةُ وَاسْتَمَرَّ فَلَا خِيَارَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِيهِمَا إذَا ابْتَاعَ غَيْرَ مُصَرَّاةٍ وَحَلَبَ لَبَنَهَا، ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ فَفِي التَّهْذِيبِ يَرُدُّ بَدَلَ اللَّبَنِ كَالْمُصَرَّاةِ وَفِي تَعْلِيقِ أَبِي حَامِدٍ حِكَايَةً عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ غَيْرُ مُعْتَنًى بِجَمْعِهِ بِخِلَافِ الْمُصَرَّاةِ وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللَّبَنَ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا اهـ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فَقَالَ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ التَّمْرِ.
(وَحَبْسِ أَمْوَاهِ الرُّحِيِّ وَالْقُنِي) بِضَمِّ الرَّاء وَالْقَاف وَكَسْرِ ثَانِيهِمَا جَمْعُ رَحًا وَقَنَاةٍ أَيْ وَيُخَيَّرُونَ بِحَبْسِ أَمْوَاهِهِمَا الْمُرْسَلَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ تَخْيِيلًا لِكَثْرَتِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا إذَا لَبِسَ الْبَائِعُ أَوْ مَنْ وَاطَأَهُ وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَحَفَّلَتْ الشَّاةُ بِنَفْسِهَا (وَصِبْغَةِ الْوَجْنَةِ) بِمَا يُحَمِّرُهَا (وَالتَّسْوِيدِ لِلشَّعْرِ وَالتَّرْفِيخِ) بِالْفَاءِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ يَعْنِي اسْتِعْمَالَ مَا يَنْفُخُ الْوَجْهَ لِيُوهِمَ أَنَّ ذَلِكَ خِلْقَةً (وَالتَّجْعِيدِ) أَيْ: وَتَجْعِيدُ الشَّعْرِ الدَّالُّ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ كَالتَّصْرِيَةِ بِجَامِعِ التَّلْبِيسِ، وَذِكْرُ الرُّحِيْ وَالتَّرْفِيخِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(لَا لَطْخِ ثَوْبٍ) لِلرَّقِيقِ (بِمِدَادٍ خَيِّلَا خَطًّا) لَهُ فَبَانَ أَنْ لَا خَطَّ لَهُ أَيْ لَا يُخَيِّرُونَ بِهِ الْمُشْتَرِيَ؛ لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ اغْتَرَّ بِمَا لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ تَغْرِيرٍ فَقَدْ يَلْبَسُ الثَّوْبَ عَارِيَّةً وَفِي مَعْنَاهُ إلْبَاسُهُ ثَوْبَ الْكَتَبَةِ وَالْخَبَّازِينَ وَتَكْبِيرُ الْبَطْنِ بِالْعَلَفِ تَخْيِيلًا لِلْحَمْلِ وَالثَّدْيِ بِإِرْسَالِ الزُّنْبُورِ فِي ضَرْعِهَا تَخْيِيلًا لِكَوْنِهَا لَبُونًا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
(وَمَا بِنَفْسِهِ تَحَفَّلَا) أَيْ وَلَا يُخَيَّرُونَ فِيمَا تَحَفَّلَ مِنْ الْحَيَوَانِ بِنَفْسِهِ أَوْ تَرَكَ الْبَائِعُ حَلْبَهُ لِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعَدَمِ التَّدْلِيسِ وَتَبِعَ فِي هَذَا الْغَزَالِيَّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ مَا قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي: ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلضَّرَرِ وَقَدْ يُؤَيَّدُ الْأَوَّلُ بِمَا فِي الْإِبَانَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِيمَا إذَا تَجَعَّدَ شَعْرُهُ بِنَفْسِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّحَفُّلَ يُعْلَمُ غَالِبًا مِنْ الْحَلْبِ كُلَّ يَوْمٍ فَالْبَائِعُ مُقَصِّرٌ بِخِلَافِ التَّجَعُّدِ وَالتَّحَفُّلِ مِنْ الْحَفْلِ وَهُوَ الْجَمْعُ.
(وَلَا) يُخَيَّرُونَ (بِغَبْنٍ) وَإِنْ فَحُشَ (كَالزُّجَاجِ حَيْثُ ظَنْ) أَيْ: كَشِرَائِهِ زُجَاجَةً ظَنَّهَا (جَوْهَرَةً) حَتَّى (بَالَغَ فِيهَا بِالثَّمَنْ) لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ لَمْ يَبْحَثْ.
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الثَّالِثِ فَقَالَ (وَخَيَّرُوهُ بِمُفَوِّتٍ) بِالتَّنْوِينِ (غَرَضْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ وَيَجُوزُ تَرْكُ التَّنْوِينِ عَلَى الْإِضَافَةِ فَيَدْخُلُ فِي عَرُوضِ الْبَيْتِ عَلَى الْأَوَّلِ الْخَبْنُ وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَى الثَّانِي الْخَبْلُ وَهُوَ قَبِيحٌ أَيْ وَخَيَّرُوا الْمُشْتَرِيَ بِمَا يُفَوِّتُ غَرَضًا (مِنْ كُلِّ عَيْبٍ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (قَبْلَ أَنْ قَبَضْ) أَيْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَ اللَّبَنُ قَدْ تَلِفَ فَكَيْفَ الرَّدُّ مَعَ تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا اغْتَفَرُوا ذَلِكَ فِي الْمُصَرَّاةِ لِلْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فَقَدْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ بِذَهَابِ الطَّرَاوَةِ وَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ فَكَيْفَ الرَّدُّ قَهْرًا مَعَ ذَلِكَ بِرّ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ لِلْحَدِيثِ قَدْ يُقَالُ غَيْرُ الْمُصَرَّاةِ يُقَاسُ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: فَكَيْفَ الرَّدُّ قَهْرًا قِيَاسُ الْمُصَرَّاةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُهُ اللَّبَنَ لِذَهَابِ طَرَاوَته فَيَرُدُّ بَدَلَهُ. (قَوْلُهُ: يَأْخُذُ قِسْطًا) أَيْ: وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إلَخْ) وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ: وَصَبْغُهُ الْوَجْنَةَ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ شَامِلٌ لِلْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: كَالتَّصْرِيَةِ بِجَامِعِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِغَالِبِ النَّاسِ أَنَّهُ مَصْنُوعٌ حَتَّى لَا يُنْسَبَ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ اهـ. (تَنْبِيهٌ)
هَذِهِ الْأَفْعَالُ التَّدْلِيسِيَّةُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا خِيَارٌ خِلَافًا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ عَدَمِ التَّحْرِيمِ، بَلْ مَا لَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِمَّا يَثْبُتُ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْلِيسَ فِي الثَّانِي لَهُ دَافِعٌ وَهُوَ الْخِيَارُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ش ع.
(قَوْلُهُ: ثَوْبَ الْكَتَبَةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلَطَّخًا. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ الْبَائِعِ حَلْبَهُ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ التَّرْكُ لِنِسْيَانٍ، أَوْ نَحْوِهِ لَيْسَ مِنْ التَّحَفُّلِ بِالنَّفْسِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ عَطْفِهِ عَلَيْهِ بِأَوْ فَمَا صُورَةُ التَّحَفُّلِ بِالنَّفْسِ؟ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صُوَرِهِ مَا لَوْ اعْتَادَ الْبَائِعُ تَرْكَ حَلْبِهَا لِيَشْرَبَهَا أَوْلَادُهَا فَاتَّفَقَ عَدَمُ الشُّرْبِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِغَبْنٍ إلَخْ) إنْ قُلْت قَوْلُهُ: وَلَا بِغَبْنٍ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا غَبْنَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ فِي التَّصْرِيَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَذْكُورَاتِ غَبْنًا قُلْت لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ غَبْنٌ إذْ لَهُ رَدُّ الْمُصَرَّاةِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِفَلْسٍ وَهِيَ تُسَاوِي مَعَ التَّصْرِيَةِ أُلُوفًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا غَبْنَ حِينَئِذٍ فَتَأَمَّلْهُ. (فَرْعٌ)
قَالَ بِعْتُكَ هَذَا إشَارَةً إلَى دِرْهَمٍ مَضْرُوبٍ لَكِنَّهُ مَغْشُوشٌ كَأَنْ يَكُونَ مَخْلُوطًا بِنُحَاسٍ، فَهَلْ يَتَخَيَّرُ إذَا عَلِمَ الْغِشَّ أَوْ لَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الزُّجَاجَةِ الْمَذْكُورَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَيُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ صُورَةَ الدِّرْهَمِ لَمْ تُوضَعْ إلَّا لِلْفِضَّةِ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ بِخِلَافِ صُورَةِ الزُّجَاجَةِ لَمْ تُوضَعْ لِنَحْوِ الْجَوْهَرِيَّةِ وَبِأَنَّهُ مَعِيبٌ فِي نَفْسِهِ، وَالزُّجَاجَةَ فِي نَفْسِهَا لَا عَيْبَ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ صَالِحٌ لِلْعُضْوِيَّةِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُهُ نَقْدًا وَمُجَرَّدُ ظَنِّهِ نَقْدًا خَالِصًا لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الزُّجَاجَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْخَلِيطُ غَيْرَ مُعْتَادٍ وَإِلَّا فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا عَدَمُ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَقِيلَ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصْرِيَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ) أَيْ: مُدَّةً بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ صَارَتْ طَبِيعَةً لَهَا وَإِلَّا كَنَحْوِ يَوْمَيْنِ فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: ظَنَّهَا جَوْهَرَةً) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: هِيَ جَوْهَرَةٌ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لَكِنْ إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَطَلَ. اهـ. ع ش عَلَى