للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ وَيَحْكُمُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ وَيَضَعُ الْمَبِيعَ عِنْدَ عَدْلٍ وَيَبْقَى الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ فَيَقْضِيهِ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ غَيْرَ الْمَبِيعِ بَاعَهُ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

وَلَا يُنَافِي مَا فِيهِمَا فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسَ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْحَاكِمِ (وَبَادَرَ) وُجُوبًا (الْإِشْهَادَ) عَلَى الْفَسْخِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَوْ عَلَى طَلَبِ الْفَسْخِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشُّفْعَةِ وَاعْتَمَدَهُ جَمَاعَةٌ (حَتَّى يَرِدَا إلَيْهِ) أَيْ حَتَّى يَجِيءَ إلَى الْخَصْمِ أَوْ الْحَاكِمِ (إنْ أَمْكَنَ) الْإِشْهَادُ، وَكَذَا عَبَّرَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ.

وَقَضِيَّتُهُ بَقَاءُ وُجُوبِ إتْيَانِهِ إلَى الْخَصْمِ أَوْ الْحَاكِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى طَلَبِ الْفَسْخِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِنُفُوذِ الْفَسْخِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ بِتَأْخِيرِهِ رَدُّ الْمَبِيعِ وَلَا بِاسْتِخْدَامِهِ لَكِنَّهُ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا وَقَدْ اخْتَارَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ النَّقِيبِ فَقَالَ: وَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى الْفَسْخِ فَيَنْبَغِي نُفُوذُهُ وَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَهُ إلَى إتْيَانِ حَاكِمٍ وَلَا بَائِعٍ إلَّا لِلْمُطَالَبَةِ لَكِنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الْإِتْيَانِ بِحَالِهِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي التَّتِمَّةِ انْتَهَى وَجَوَابُ الشَّارِحِ عَنْهُ فِي تَحْرِيرِهِ بِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ مَمْنُوعٌ فَإِنْ قُلْت فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ حَالَتَيْ التَّعَذُّرِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّكُمْ أَوْجَبْتُمْ الْإِشْهَادَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَاكْتَفَيْتُمْ بِهِ قُلْنَا مَمْنُوعٌ إذَا لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ، أَمَّا عِنْد عَدَمِ تَعَذُّرِهِمَا فَالْوَاجِبُ الْإِنْهَاءُ إلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ لَزِمَهُ، فَإِذَا أَشْهَدَ سَقَطَ وُجُوبُ الْإِنْهَاءِ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِلَى حَالَةِ التَّعَذُّرِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْهَاءِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَشْهَدَا) عَلَى الْفَسْخِ أَوْ طَلَبِهِ عَلَى مَا مَرَّ شَاهِدَيْنِ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ احْتِيَاطٌ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ مَعَ الْيَمِينِ كَافٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ إذْ يَبْعُدُ إيجَابُهُ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ثُبُوتُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِالْمَبِيعِ وَإِذَا لَقِيَ الْبَائِعَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ اشْتَغَلَ بِمُحَادَثَتِهِ بَطَلَ حَقُّهُ.

(وَالِانْتِفَاعُ حَالَ عِلْمٍ يَذَرُ) أَيْ وَيُتْرَكُ لُزُومًا انْتِفَاعُهُ بِالْمَبِيعِ وَاسْتِخْدَامُهُ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّ إلَخْ) لِمَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَ اقْتِضَاءَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَخْ غَايَةٌ لِلُزُومِ الْإِشْهَادِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ لُزُومَ الْإِشْهَادِ يَسْتَمِرُّ إلَى الْإِنْهَاءِ فَيَنْقَطِعُ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ الْإِشْهَادُ قَبْلَ الْإِنْهَاءِ وَجَبَ الْإِنْهَاءُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْهَاءِ) أَيْ: بِنَفْسِهِ وَوَكِيلِهِ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فَيَرُدُّهُ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ، أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِحَاكِمٍ وَهُوَ آكَدُ وَعَلَيْهِ إشْهَادٌ بِالْفَسْخِ فِي طَرِيقِهِ، أَوْ تَوْكِيلِهِ، أَوْ عُذْرِهِ فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَلْزَمْهُ تَلَفُّظٌ بِهِ اهـ فَإِنْ قُلْت: إيجَابُ الْإِشْهَادِ الْمُمْكِنِ حَالَ تَوْكِيلِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضِ وَلَا فِي شَرْحِهِ وَلَا فِي غَيْرِهِمَا فَهَلْ لَهُ وَجْهٌ قُلْت نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى شُرُوعِهِ فِي الرَّدِّ بِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْإِشْهَادِ حِينَئِذٍ وَجَبَ فَكَذَا هُنَا فَلْيُتَدَبَّرْ. لَا يُقَالُ مِنْ لَازِمِ إمْكَانِ التَّوْكِيلِ إمْكَانُ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي إشْهَادٌ وَاحِدٌ فَيَكْفِي إشْهَادُ الْوَكِيلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ الرَّدُّ بِالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ هُنَا اللُّزُومَ لِجَوَازِ تَوْكِيلِ نَحْوِ الْفَاسِقِ دُونَ إشْهَادِهِ سم.

(قَوْلُهُ: وَالِانْتِفَاعُ مُدَّةَ الْعُذْرِ) أَوْ السَّيْرِ لِلرَّدِّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لُزُومًا) لِيَتَأَتَّى لَهُ الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ حَالَ الْعُذْرِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ: رَدُّهُ إلَيْهِ اسْتِعْمَالٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَهِيَ مَا لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ لَيْلًا وَهَذَا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ، وَأَمَّا الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَلَى الْفَسْخِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَكْفِي عَلَى طَلَبِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَتَأْخِيرُهُ حِينَئِذٍ يُشْعِرُ بِالرِّضَا بِهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَجِبُ تَحْرِيرٌ. (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ) أَيْ: وَجَبَ عَلَيْهِ تَحَرِّي الْإِشْهَادِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ) أَيْ: بِدُونِ تَحَرٍّ بَلْ إنْ تَحَرَّى بَطَلَ حَقُّهُ سم. (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ) فَلَوْ أَشْهَدَ مَسْتُورًا فَبَانَ فَاسِقًا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ اهـ ق ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ إلَخْ) تَرَكَ الشَّرْحُ هُنَا مَرْتَبَةً أَخِيرَةً ذَكَرَهَا سم عَلَى حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ وَالْحَاكِمِ إلَخْ وَأَمْكَنَهُ الْمُضِيُّ إلَى الْبَائِعِ الْغَائِبِ لَزِمَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ) أَيْ الْإِنْهَاءِ وَالْإِشْهَادِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْإِشْهَادِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى تَرْكُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ الشُّهُودِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ثُبُوتُهُ) ظَاهِرُهُ ثُبُوتُ الْفَسْخِ لَفْظًا وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ قَطْعًا إذْ الْفَرْضُ عَدَمُ الشُّهُودِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الثُّبُوتُ وَلَوْ بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ، وَعِبَارَةُ م ر أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّلَفُّظُ بِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ شَيْئًا بَلْ قَدْ يَتَضَرَّرُ لَوْ فَسَخَ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ الْعَيْبِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ بِالْفَسْخِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ قَالَ ع ش وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ ظَافِرًا بِحَقِّهِ فَيَأْخُذُهُ مِنْ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ يَبِيعُهُ وَيَسْتَوْفِيهِ مِنْهُ وَيَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ الزَّائِدَ إنْ كَانَ فَإِنْ لَمْ يُوفِ الثَّمَنَ بَقِيَ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ يَأْخُذُهُ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ.

(قَوْلُهُ: يُذَرُ) أَيْ: الْمُشْتَرِي دُونَ مُوَكِّلِهِ وَوَكِيلِهِ وَوَلِيِّهِ وَمُوَلِّيهِ وَوَارِثِهِ ع ش بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِالْإِشْعَارِ بِالرِّضَا اهـ شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَيُتْرَكُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>