للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَالَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ، وَلَوْ يَسِيرًا كَقَوْلِهِ: نَاوِلْنِي الثَّوْبَ أَوْ أَغْلِقْ الْبَابَ أَوْ اسْقِنِي الْمَاءَ سَقَطَ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إشْعَارًا بِالرِّضَا، وَلِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرًا وَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ يُسْقِطُ الرَّدَّ فَكَيْفَ إذَا اجْتَمَعَا؟ فَلَوْ جَاءَ بِالْكُوزِ مَثَلًا بِلَا طَلَبٍ فَأَخَذَهُ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي يَدِهِ كَوَضْعِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنْ شَرِبَ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ (دُونَ الرُّكُوبِ) لِلدَّابَّةِ (حَيْثُ قَوْدٌ) وَسَوْقٌ (يَعْسُرُ) حِينَ تَوَجُّهِهِ لِرَدِّهَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ رُكُوبِهَا بِدُونِ عُسْرِ قَوْدِهَا وَسَوْقِهَا (قُلْتُ وَدُونَ اللُّبْسِ) لِلثَّوْبِ الْمَبِيعِ (فِي الدَّرْبِ) أَيْ: الطَّرِيقِ حِينَ (اطَّلَعْ) عَلَى الْعَيْبِ (فَرَاحَ يَبْغِي رَدَّهُ وَمَا نَزَعْ) فَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ؛ لِأَنَّ نَزْعَهُ فِي الطَّرِيقِ غَيْرُ مُعْتَادٍ بِخِلَافِ تَرْكِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ فِي ذَوِي الْهَيْئَاتِ فَإِنَّ غَالِبَ الْمُحْتَرِفَةِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ ذَلِكَ (وَالسَّرْجَ وَالْإِكَافَ إنْ يَكُنْ لَهُ دُونَ اللِّجَامِ وَالْعِذَارِ حَلَّهُ) أَيْ وَحَلَّ الْمُشْتَرِي أَيْ وَضَعَ لُزُومًا عَنْ الدَّابَّةِ سَرْجَهَا وَبَرْذعَتَهَا إنْ كَانَا لَهُ وَإِنْ ابْتَاعَهُمَا مَعَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ؛ لِمَا فِي تَرْكِهِمَا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الْمُنْتَفِعَ إنَّمَا هُوَ الْغَيْرُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا فِي يَدِهِ فَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَا لَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ وَضْعُ لِجَامِهَا وَلَا عِذَارِهَا لِخِفَّتِهِمَا فَلَا يُعَدُّ تَرْكُهُمَا انْتِفَاعًا؛ وَلِأَنَّ الْقَوْدَ يَعْسُرُ بِدُونِهِمَا وَلَا يَضُرُّ عَلَفُهَا وَسَقْيُهَا فِي الطَّرِيقِ وَكَذَا حَلْبُ لَبَنِهَا فِيهِ لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ أَنَعْلَهَا فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَتْ تَمْشِي بِلَا نَعْلٍ سَقَطَ رَدُّهُ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ: دُونَ اللِّجَامِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَلَمْ يَجُزْ إنْ تَرَكَ) أَيْ: أَنْ يَتْرُكَ الْعَاقِدَانِ (الرَّدَّ) بِالْعَيْبِ (عَلَى مَالٍ) يَبْذُلُهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارٌ بِالْفَسْخِ فَأَشْبَهَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ (بَلْ الرَّدُّ بِهَذَا) أَيْ بِسَبَبِ تَرْكِ الرَّدِّ عَلَى مَالٍ (بَطَلَا إنْ عَلِمَ) الْمُشْتَرِي (الْمَنْعَ) مِنْ ذَلِكَ لِتَأْخِيرِ الرَّدِّ مَعَ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَهُ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فَبَقِيَ عَلَى حَقِّهِ.

(فَائِدَةٌ) مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا كُلُّ يَدٍ ضَامِنَةٍ يَجِبُ عَلَى رَبِّهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ.

(وَمَنْ يَيْأَسُ عَنْ رَدٍّ) بِعَيْبٍ (وَلَيْسَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ) فِي الرَّدِّ حِسِّيًّا كَانَ الْيَأْسُ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ أَوْ شَرْعِيًّا (كَأَنْ أَعْتَقَ أَوْ أَوْلَدَ) الْمَبِيعُ (أَوْ تَعَيَّبَا) بِعَيْبٍ حَادِثٍ سَوَاءٌ كَانَ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَمْ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعِ أَمْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ إنْ نَقَصَ بِهِ الْمَبِيعُ؛ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْقُصْ بِهِ كَالْخِصَاءِ أَوْ أَيِسَ مِنْ الرَّدِّ لَكِنَّهُ قَصَّرَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (خِلَافَ مَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَا) أَوْ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ بِغَيْرِهِمَا لِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ إلَيْهِ فَيَرُدُّهُ، وَلَوْ أَبَقَ فِي يَدِهِ أَوْ سَرَقَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ آبِقًا أَوْ سَارِقًا إنْ لَمْ يَزِدْ النَّقْصُ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا وَلَهُ الْأَرْشُ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ تَعَيَّبَا مَعْطُوفٌ عَلَى يَيْأَسْ وَقَوْلُهُ: (فَيَسْتَحِقُّ أَرْشَهُ) خَبَرُ مَنْ يَيْأَسْ وَاسْتِحْقَاقُهُ لَهُ بِطَلَبِهِ لَا بِعِلْمِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَيْ: وُضِعَ لُزُومًا) لِيَتَأَتَّى لَهُ الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا حَلْبُ لَبَنِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَحْلِبَهَا سَائِرَةً فَإِنْ حَلَبَهَا وَاقِفَةً بَطَلَ حَقُّهُ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَبِهِ جَزَمَ السُّبْكِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ حَالَ سَيْرِهَا، أَوْ حَالَ عَلَفِهَا، أَوْ سَقْيِهَا، أَوْ رَعْيِهَا

(قَوْلُهُ: أَوْ تَعَيَّبَا) أَيْ: عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْقُصْ بِهِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَيْهِ قَبْلَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ وَيَجِبُ الْأَرْشُ كَنَظِيرِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ حَيْثُ لَمْ تُوجِبْ أَرْشًا وَلَمْ تُنْقِصْ شَيْئًا بَعْدَ الِانْدِمَالِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَرْعِيُّ هُنَا الْمَالِيَّةُ وَلَمْ يَفْنَ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نَنْظُرْ إلَى ذَلِكَ لَأُهْدِرَتْ الْجِنَايَةُ أَصْلًا اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُ إلَخْ) لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْذَرَ بِالتَّأْخِيرِ لِتَمَكُّنِهِ فِي الْحَالِ مِنْ الْفَسْخِ وَالرَّدّ. (فَرْعٌ) .

لَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ، أَوْ لَهُمَا ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ وَأَخَّرَ الرَّدَّ بِلَا عُذْرٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ سَقَطَ فَسْخُهُ مِنْ حَيْثُ الْعَيْبُ وَلَهُ الْفَسْخُ بِالْخِيَارِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَإِنْ زَادَ النَّقْصُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ مَا كَانَ عِنْدَهُ فَرَاجِعْ هَامِشَ قَوْلِهِ فِي عَدِّ الْعُيُوبِ، أَوْ آبِقًا. (قَوْلُهُ: خُيِّرَ مَنْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ حَمْلُ مَنْ عَلَى الْمَوْصُولَةِ دُونَ الشَّرْطِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِحْقَاقُهُ لَهُ بِطَلَبِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَالْأَخْذِ بِالشَّفَقَةِ لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ الْفَوْرُ بِخِلَافِ الرَّدِّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي ع ش لَوْ اسْتَعْمَلَهُ مَنْ يَجْهَلُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لِعَدَمِ الْمُخَالَطَةِ لَنَا، ثُمَّ عَلِمَ الْحُكْمَ لَمْ يُعْذَرْ، أَمَّا الْعَالِمُ بِهِ وَيَجْهَلُ كَوْنَ الِاسْتِعْمَالِ مُسْقِطًا وَخَفِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَيُعْذَرُ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ عُذِرَ فِي هَذِهِ فَفِي الْأُولَى أَوْلَى. اهـ. شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ إذَا جَهِلَ الرَّدَّ يَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ رِضًا بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ. (قَوْلُهُ: نَاوِلْنِي) سَوَاءٌ أَجَابَهُ أَوْ لَا وَمِثْلُ الْقَوْلِ الْإِشَارَةُ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: إنْ يَكُنْ لَهُ) فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِ م ر وَلَوْ مِلْكًا لِلْبَائِعِ وَمِثْلُهُ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ لِلشَّرْحِ إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ الضَّرَرُ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ بِمَا إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِنَحْوِ عَارِيَّةٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا إلَخْ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ابْتَاعَهُمَا مَعًا) أَيْ: فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَالسَّرْجُ عَلَيْهَا حَتَّى يَرِدُ أَنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي أَخَذَهَا عَلَيْهَا تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ) أَيْ: حَيْثُ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا وَإِلَّا ثَبَتَ لَهُ الْفَسْخُ مِنْ حَيْثُ الْخِيَارُ وَإِنْ حَدَثَ الْعَيْبُ فِي يَدِهِ فَيَرُدُّهُ مَعَ الْأَرْشِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: كَالْخِصَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَنْقُصُ قِيمَتُهُ لِلرَّغْبَةِ فِيهِ هُوَ الْمَمْسُوحُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَزِدْ النَّقْصُ إلَخْ) نَقَلَ الْمُحَشِّي سَابِقًا عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ ضَعْفَ هَذَا التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ مِنْ آثَارِ الْقَدِيمِ. (قَوْلُهُ: لَا يَعْلَمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَى بِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. اهـ. ق ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>