بِالْعَيْبِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَالْقَاضِي فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ بَرِئَ مِنْ قَدْرِ الْأَرْشِ بِطَلَبِهِ لَا بِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ وَأَعْتَقَهُ أَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ فَفِي رُجُوعِهِ بِالْأَرْشِ وَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ كَجٍّ الرُّجُوعَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهَيْنِ وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ الْمَبِيعُ بِجِنْسِهِ، أَمَّا الرِّبَوِيّ الْمَبِيعُ بِجِنْسِهِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَالتَّمْثِيلُ بِالْإِيلَادِ وَالْهِبَةِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْأَرْشَ فَهُوَ (مِنْ الثَّمَنْ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْهُ؛ وَلِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَاهُ مِنْ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْغَصْبِ لَكَانَ رُبَّمَا سَاوَى الثَّمَنَ فَيَجْتَمِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ وَسُمِّيَ ذَلِكَ أَرْشًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَرْشِ وَهُوَ الْخُصُومَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَرَشْت بَيْنَهُمَا تَأْرِيشًا إذَا أَوْقَعْت بَيْنَهُمَا الشَّرَّ قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ (بِعَيْنِهِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ: فَيَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ إنْ وُجِدَ وَإِنْ عَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ (وَلَوْ) كَانَ وُجُودُهُ (بِعَوْدٍ) أَيْ بِعَوْدِهِ إلَى مِلْكِهِ (بَعْدَ أَنْ زَالَ) عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ (بِلَا أَرْشٍ) لَهُ عَلَى الْبَائِعِ (لِنُقْصَانِ الصِّفَهْ) أَيْ: صِفَةِ الثَّمَنِ كَالشَّلَلِ كَمَا إنَّهُ يَأْخُذُ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ مَجَّانًا نَعَمْ إنْ كَانَ نَقْصُهَا بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ اسْتَحَقَّ الْأَرْشَ وَخَرَجَ بِنُقْصَانِ الصِّفَةِ نُقْصَانُ الْجُزْءِ فَيَسْتَحِقُّ أَرْشَهُ (أَوْ بَدَلٍ) عَطْفٌ عَلَى عَيْنِهِ (لِمَا عَرَتْهُ مُتْلِفَهْ) أَيْ: لِثَمَنٍ عَرَضَتْ لَهُ آفَةٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ إنْ وُجِدَ وَمِنْ بَدَلِهِ إنْ تَلِفَ (مِنْ مِثْلٍ) فِي مِثْلِيٍّ (أَوْ مِنْ قِيمَةٍ) فِي مُتَقَوِّمٍ (وَتُعْتَبَرْ) قِيمَةُ الثَّمَنِ الْمُتَقَوِّمِ (أَقَلَّ مَا يَكُونُ مِنْ يَوْمِ صَدَرْ عَقْدٌ إلَى) يَوْمِ (قَبْضٍ) لَهُ سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْعَقْدِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
(وَبِالْأَرْشِ عُنِيَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ وَالْمَعْنَى بِالْأَرْشِ السَّابِقِ (جُزْءٌ يَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ) عَيْنًا أَوْ بَدَلًا نِسْبَتُهُ إلَى كُلِّ الثَّمَنِ (نِسْبَةَ) أَيْ كَنِسْبَةِ (نُقْصَانِ أَقَلِّ قِيمَتَيْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَبِيعِ (يَوْمَ عَقْدِهِ وَ) يَوْمَ (الْقَبْضِ) لَهُ (أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَعَ الْعَيْبِ إلَى أَقَلِّ قِيمَتَيْهِ لَوْ عَنْهُ) أَيْ الْعَيْبِ (خَلَا) ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْعَقْدِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ
ــ
[حاشية العبادي]
ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا السُّبْكِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَبِهِ جَزَمَ الرَّوْضُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ حُصُولُ الْعِتْقِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلِلْوَكِيلِ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ السَّلِيمِ فَإِذَا اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يَعْتِقْ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاشَرَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ فِيهِ شِرَاءَ السَّلِيمِ فَغَيْرُهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَقُولُ: أَوْ تَوْكِيدٌ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ كَمَا فِي جَاءَ زَيْدٌ بِعَيْنِهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ بَدَلٌ عُطِفَ عَلَى الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْأَرْشَ) أَيْ: عَلَى الْبَائِعِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْبَائِعُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: عَرَضَتْ لَهُ آفَةٌ) إشَارَةٌ إلَى تَفْسِيرِ مُتْلَفَةٍ بِآفَةٍ فَهَلَّا فَسَّرَهَا بِتَلَفٍ وَلَعَلَّهُ حَافَظَ عَلَى مُرَاعَاةِ تَأْنِيثِ الْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: قَبْضٌ لَهُ) أَيْ: لِلثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: فِي مِلْكِ الْبَائِعِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى إذَا اخْتَصَّ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الثَّمَنِ حِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِيمَتَهُ إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْعَقْدِ أَقَلَّ إلَخْ) .
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: الرُّجُوعَ) وَكَوْنُ الْمَقْصُودِ الْعِتْقَ لَا يَمْنَعُ الْأَرْشَ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَذَلَ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ التَّسْلِيمِ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَجَبَ الْأَرْشُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ وَجَدَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ فَإِنَّ الْأَرْشَ يُنْسَبُ إلَى الْقِيمَةِ لَا إلَى الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ وَصَارَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ كَالْمُسْتَامِ. اهـ. م ر قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي بَقَاءِ الْفَسْخِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ بُطْلَانُهُ لِتَبَيُّنِ سُقُوطِ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْفَسْخِ بِمُجَرَّدِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ بَلْ يَقْتَضِي ثُبُوتَ خِيَارِ الْبَائِعِ فِيهِ إنْ شَاءَ فَسَخَهُ وَغَرِمَ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ وَأَخَذَ أَرْشَ الْحَادِثِ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ الثَّمَنِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ السَّاقِطَ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ إنَّمَا هُوَ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ فَقَطْ لَا الرَّدُّ مُطْلَقًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بِعَيْنِهِ) وَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهِ بِالتَّرَاضِي. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ لَهُ فَيَرْجِعُ بِجُزْءٍ مِنْ بَدَلِهِ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَائِعَ فِي الْهِبَةِ حَصَلَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَهَبَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْإِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ: بِلَا أَرْشٍ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ) وَفَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ نَقْصَ الْمَبِيعِ أَدْنَى نَقْصٍ يُبْطِلُ رَدَّ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ؛ لِكَوْنِهِ ثَمَّ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَالْبَائِعِ هُنَا لَمْ يَخْتَرْهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اخْتَارَ رَدَّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بِالْعَيْبِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ فَيَضْمَنُ نَقْصَ الصِّفَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي نَقْصَ صِفَةِ الْمَبِيعِ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ: جِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَنِسْبَةِ) أَيْ: نِسْبَتِهِ لِلثَّمَنِ كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ أَقَلِّ قِيمَةٍ لَهُ لَوْ كَانَ سَلِيمًا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ مِائَةً وَبِهِ ثَمَانِينَ فَنِسْبَةُ النَّقْصِ إلَيْهَا خُمُسٌ فَيَكُونُ الْأَرْشُ خُمُسَ الثَّمَنِ فَلَوْ كَانَ عِشْرِينَ رَجَعَ بِأَرْبَعَةٍ مِنْهُ وَإِنَّمَا رَجَعَ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لَا بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ كَمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ. اهـ. م ر وسم. (قَوْلُهُ: أَقَلِّ قِيمَتَيْ إلَخْ) أَيْ: إذَا كَانَ هُنَاكَ أَقَلُّ وَمِثْلُهُ أَقَلُّ الْآتِي كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute