اسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ فَالْأَرْضُ كَالشَّجَرِ.
ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّةُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُ بَيْعِ أَصْلِ الْبِطِّيخِ عِنْدَ أَمْنِ الِاخْتِلَاطِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ فِي بَيْعِهِمَا مَعًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَعَلَيْهِ جَرَى سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ الْمَنْقُولُ، وَالْإِمَامُ لَمْ يُبْدِ الْأَوَّلَ إلَّا تَفَقُّهًا لَا نَقْلًا كَمَا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ لَفْظِهِ وَلَوْ بَاعَ الشَّجَرَةَ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ لَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مُتَعَرِّضٍ لِلْعَاهَةِ، وَالثَّمَرَةُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ بِحُكْمِ الدَّوَامِ.
(أَوْ مَا يَغْلِبَنْ فِيهِ اخْتِلَاطُهُ) أَيْ وَبَيْعُ مَا يَغْلِبُ فِيهِ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ كَتِبْنٍ وَقِثَّاءٍ وَبِطِّيخٍ وَبَاذِنْجَانٍ إنَّمَا يَصِحُّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ بِدُونِ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى تَعَذُّرِ الْإِمْضَاءِ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ اللَّاحِقِ، وَالسَّابِقِ صَحَّ الْبَيْعُ فِيمَا بَدَا صَلَاحُهُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَمَا مَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ بِأَنْ نَدُرَ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ لَمْ يُعْلَمُ حَالُهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَقَوْلُهُ (بِشَرْطِ أَنْ قَطَعْ) رَاجِعٌ إلَى الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَرَّرَ وَشَرْطُ صِحَّةٍ لِبَيْعٍ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ لَا كَكُمَّثْرَى كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَائِلَ الْبَيْعِ.
وَمِثْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ شَرْطُ الْقَلْعِ فِيمَا يُقْلَعُ، وَالْمُرَادُ شَرْطُ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ فِي الْحَالِ لَا بَعْدَ يَوْمٍ مَثَلًا لِتَضَمُّنِهِ التَّبْقِيَةَ قَالَهُ الْإِمَامُ فِي بَابِ الرَّهْنِ (فَإِنْ يَقَعْ) أَيْ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ الْقَطْعِ فِيمَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ (بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَبْطَلَهْ) وُقُوعُ الِاخْتِلَاطِ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ (قُلْتُ اتَّبِعْ) أَيْ الْحَاوِي (فِيهِ الْوَجِيزَ) فَإِنَّهُ صَحَّحَ فِيهِ الْبُطْلَانَ (ثُمَّ شَرْحُهُ) لِلرَّافِعِيِّ (ذَكَرْ) أَيْ جَزَمَ (بِأَنَّهُ) أَيْ مَا غَلَبَ فِيهِ الِاخْتِلَاطُ (كَمَا) أَيْ كَاَلَّذِي (اخْتِلَاطُهُ نَدُرْ) وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلِنُدُورِ الِاخْتِلَاطِ) كَمَا فِي الْعِنَبِ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِوُقُوعِهِ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَإِمْكَانِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ بَلْ (خَيِّرِ) أَنْتَ الْمُشْتَرِيَ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ الْإِبَاقِ (إنْ لَمْ يَهَبْ) أَيْ الْبَائِعُ (جَدِيدَهُ لِلْمُشْتَرِي) فَإِنْ وَهَبَهُ لَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ كَذَا عَبَّرَ كَأَصْلِهِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِمَا فَإِنْ سَمَحَ لَهُ الْبَائِعُ بِهِ سَقَطَ خِيَارُهُ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِالْهِبَةِ وَبِالْإِعْرَاضِ كَمَا نَقَلَهُمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ.
قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي وَيَمْلِكُ بِالْإِعْرَاضِ كَمَا فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ السَّنَابِلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْ النَّعْلَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ لِأَنَّ عَوْدَهُ إلَى الْبَائِعِ مُتَوَقَّعٌ وَلَا سَبِيلَ هُنَا إلَى تَمْيِيزِ حَقِّ الْبَائِعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ كَالشَّيْخَيْنِ جَوَازُ مُبَادَرَةِ الْمُشْتَرِي لِلْفَسْخِ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ الْبَائِعُ وَيَهَبَ فَيَسْقُطَ خِيَارُهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُبَادَرَةُ لِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَعْنَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَيَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِأَنَّهُ لِقَطْعِ النِّزَاعِ لَا لِلْعَيْبِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُوهِمُ خِلَافَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِهِ لِقَطْعِ النِّزَاعِ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْرِيًّا كَالْفَسْخِ بَعْدَ التَّحَالُفِ انْتَهَى أَمَّا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ فَلَا خِيَارَ بَلْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ ذُو الْيَدِ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا يَعُمُّ الشَّجَرَ مَجَازًا
(قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ (فَرْعٌ)
بَيْعُ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُثْمِرَ، أَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى أَثْمَرَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ بَيْعَهُ قَبْلَ إثْمَارِهِ لَا يَصِحُّ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيُشْتَرَطُ الْقَطْعُ، أَوْ الْقَلْعُ أَيْ يُشْتَرَطُ أَحَدُهُمَا فِي بَيْعِهِ أَيْ: الْأَصْلِ قَبْلَ أَنْ يُثْمِرَ كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ. . . إلَخْ وَلَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي شُمُولِهِ لِمَا بَدَا صَلَاحُهُ بَلْ قَوْلُهُ كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ قَدْ يَدُلُّ عَلَى فَرْضِ الْكَلَامِ فِيمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: جَوَازُ مُبَادَرَةِ. . . إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ فِي بَابِ التَّحَالُفِ هُوَ الَّذِي يَفْسَخُ أَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يَفْسَخُ إلَّا الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ لَا يَنْحَصِرَ الْفَسْخُ هُنَا فِي الْمُشْتَرِي كَنَظِيرِهِ ثَمَّ وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ عَيْبًا بَلْ هُوَ عَيْبٌ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ عَلَيْهِ وَلَا دَخْلَ لِلْحَاكِمِ فِي الرَّدِّ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي بَابِ التَّحَالُفِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فَوْرِيًّا) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ بَلْ إنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ) أَيْ: فِي قَدْرِ حَقِّ الْآخَرِ هَذَا يَجْرِي فِيمَا إذَا وَقَعَ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ) لَعَلَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُ الْأَصْلِ بِأَنْ لَمْ يَغْلُظْ حَتَّى يَأْمَنَ الْعَاهَةَ وَيُحْمَلُ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ عَلَى خِلَافِهِ فَلَا خِلَافَ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: بَيْعِ أَصْلِ الْبِطِّيخِ) أَيْ وَحْدَهُ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ ظَاهِرَةٌ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ عِنْدَ أَمْنِ الِاخْتِلَاطِ.
(قَوْلُهُ: مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ حَالًا لِعَدَمِ تَأَتِّي النَّفْعِ مَآلًا فَتَضْمَنُهُ التَّبْقِيَةُ (قَوْلُهُ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ. . . إلَخْ) هَذَا مَوْجُودٌ سَوَاءٌ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَ الْكَلَامَ هُنَا عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ النَّعْلَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ) مِثْلُهُ الْحِجَارَةُ الْمَدْفُونَةُ فِيمَا مَرَّ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: وَيَهَبُ) أَوْ يَتْرُكُهُ لَهُ بِغَيْرِ لَفْظِ هِبَةٍ وَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ هُنَا لِلضَّرُورَةِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْبَائِعِ) أَيْ فَالْخِيَارُ