قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ، وَالْبَقْلُ أَيْ بِيعَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْأَرْضِ مُنْفَرِدًا إنَّمَا يَصِحُّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ أَخْذًا مِنْ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ خَرَجَ مِنْهُ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ فِيمَا عَدَاهُ وَمَفْهُومُ الْغَايَةِ فِيهِ جَوَازُ الْبَيْعِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُطْلَقًا، وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ غَالِبًا وَقَبْلَهُ تُسْرِعُ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ.
وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْتَ إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» أَمَّا بَيْعُهُ مَعَ الْأَرْضِ فَيَصِحُّ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْعَاهَةُ بَلْ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْبَقْلِ مَعَ أَصْلِهِ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَكَلَامُ النَّظْمِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حَبُّهُ مَا اشْتَدَّا مَا إذَا اشْتَدَّ حَبُّهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ لَكِنْ بِشَرْطِ ظُهُورِ الْمَقْصُودِ كَتِينٍ وَعِنَبٍ وَشَعِيرٍ وَأُرْزٍ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ، وَالْعَدَسِ فِي السُّنْبُلِ وَلَا بَأْسَ بِكِمَامٍ لَا يُزَالُ إلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَمَا لَهُ كِمَامَانِ كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ، وَالْبَاقِلَّا يُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَسْفَلِ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُ قَصَبِ السُّكْرِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى كَمَا فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَسْفَلَ كَبَاطِنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمَصُّ مَعَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي قِشْرٍ وَاحِدٍ كَالرُّمَّانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَصِحُّ بَيْعُ طَلْعِ النَّخْلِ مَعَ قِشْرِهِ.
(وَبَيْعُ بِطِّيخٍ وَثُمْرٍ) بِضَمِّ الثَّاءِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَمِّهَا جَمْعُ ثِمَارٍ جَمْعِ ثَمَرٍ بِفَتْحِهِمَا جَمْعِ ثَمَرَةٍ كَذَلِكَ (قَبْلَ أَنْ يَصْلُحَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (دُونَ الْأَصْلِ) إنَّمَا يَصِحُّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لِمَالِكِ الْأَصْلِ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا كَأَنْ بَاعَ الشَّجَرَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْهُ أَوْ أَوْصَى بِهَا لِإِنْسَانٍ فَبَاعَهَا لِمَالِكِ الْأَصْلِ لِمَا مَرَّ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ فِيمَا إذَا بَاعَهَا لِمَالِكِ الْأَصْلِ إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثَمَرِهِ مِنْ شَجَرِهِ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ صِحَّةَ الْبَيْعِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ نَعَمْ لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ ثُمَّ بَاعَ الثَّمَرَةَ وَهِيَ عَلَيْهَا صَحَّ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَيَصِيرُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ أَمَّا بَيْعُهُمَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِمَا أَوْ قَبْلَهُ لَكِنْ مَعَ أَصْلِهِمَا فَيَصِحُّ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَفَارَقَتْ الثَّانِيَةُ بَيْعَهُمَا لِمَالِكِ أَصْلِهِمَا بِتَبَعِيَّتِهِمَا هُنَا لِلْأَصْلِ وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ مَعَ أَصْلِهِ مُوَافِقٌ لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ وَمَنْقُولِ غَيْرِهِ الْآتِي بَيَانُهُ دُونَ مَنْقُولِهِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْبِطِّيخَ مَعَ أَصْلِهِ يَتَعَيَّنُ شَرْطُ الْقَطْعِ لِتَعَرُّضِهِمَا لِلْعَاهَةِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ مَعَ الثَّمَرِ فَلَوْ بَاعَهُ مَعَ الْأَرْضِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ، وَالْبَقْلُ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ كُلُّ نَبَاتٍ أَخْضَرَّتْ لَهُ الْأَرْضُ فَهُوَ بَقْلٌ. (قَوْلُهُ إنَّمَا يَصِحُّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ. اهـ. وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى تَقْيِيدِ الْبَقْلِ بِمَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْبَقْلِ مَعَ أَصْلِهِ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَيْ: إنْ كَمُلَ وَتَنَاهَى تَنَاهِيَهُ فَإِنْ كَانَ لَوْ تُرِكَ نَمَا وَزَادَ احْتَاجَ إلَى شَرْطِهِ وَقَدْ يُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّظْمِ مِنْ خِلَافِهِ عَلَيْهِ م ر بَهْجَةٌ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْبَقْلِ مَعَ أَصْلِهِ بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ) هَذَا شَيْءٌ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ الْمَنْعَ حَيْثُ قَالَ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبُقُولِ فِي الْأَرْضِ دُونَ الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، أَوْ الْقَلْعِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا أَوْ لَا يُجَزُّ إلَّا مَرَّةً هَكَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ فِي الْقَبُولِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ بَيْعُ أُصُولِ الْبَقْلِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ إذْ لَا يَتَعَرَّضُ لِلْآفَةِ اهـ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ كَإِمَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ أُصُولِ الْبِطِّيخِ مَعَ ثَمَرِهَا بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ غَيْرُهُمَا وَاعْتَمَدُوهُ مِنْ صِحَّةِ ذَلِكَ فَهُوَ الْحَقِيقُ بِالتَّعْوِيلِ إنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِيمَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَا يُقَالُ الْبُقُولُ لَيْسَ لَهَا بُدُوُّ صَلَاحٍ، لِأَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ لَهَا ذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي تَفْصِيلِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِقَرِينَةِ قَرْنِهِ بِالزَّرْعِ الْمُقَيَّدِ بِعَدَمِ اشْتِدَادِ الْحَبِّ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ) لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْبُطْلَانَ إذَا بَاعَهُ مُنْفَرِدًا بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَهُوَ شَامِلٌ لِبَيْعِهِ مَعَ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ كَتِينٍ وَعِنَبٍ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الزَّرْعِ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ) أَوْلَهُ لِيَصِحَّ الْإِفْرَادُ فِي فَرْدٍ (قَوْلُهُ: الْمَنْعُ) قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ) أَيْ مَعَ التَّبَعِيَّةِ هُنَا بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْبَاقِلَّا رَطْبَةً وَهُوَ الْفُولُ الْأَخْضَرُ وَعَلَيْهِ جَرَى م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَبِهَامِشِ الشَّرْحِ أَنَّ فِيهَا وَجْهَيْنِ أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الصِّحَّةُ فَحَرِّرْهُ
(قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ شَرْطُ الْقَطْعِ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ أُصُولَ نَحْوِ الْبِطِّيخِ كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا بِدُونِ شَرْطِ الْقَطْعِ إلَّا مَعَ الْأَرْضِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا كَالشَّجَرِ. اهـ. م ر وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَغْلُظْ وَتَأْمَنْ الْعَاهَةَ لَكِنْ يَكُونُ بَيْعُهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْبِطِّيخِ إنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مُشْكِلًا لِعَدَمِ أَمْنِ الْعَاهَةِ فِي الْمَبِيعِ فَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا بَدَا صَلَاحُ تِلْكَ الْأُصُولِ بِأَنْ خَشُنَتْ وَغَلُظَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute