للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِرَاعًا مُعَيَّنًا حَتَّى لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِشَاعَةَ لِيَصِحَّ فَأَرْجَحُ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِإِرَادَتِهِ وَمَا إذَا اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ اعْتِرَافٍ فَالصَّوَابُ فِي الرَّوْضَةِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي وُقُوعِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ: كَاتَبْتُكَ وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ وَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهِ فَلَوْ ادَّعَى اتِّحَادَ النَّجْمِ، وَالْمُكَاتَبُ تَعَدُّدَهُ فَفِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْبَغَوِيّ تَصْدِيقُهُ أَيْضًا وَرَأَى النَّوَوِيُّ طَرْدَ الْخِلَافِ فِيهِ وَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَذِنْتُ فِي الْمَبِيعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ مُطْلَقًا صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ.

وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ مَا لَمْ أَرَهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَنْفَكُّ هَذَا عَنْ خِلَافٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِهِمَا فِي مُفْسِدِ الْعَقْدِ وَفِيهَا الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ، وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ فَرَّعَهَا الْغَزَالِيُّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ فَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ وَفِي عَكْسِهَا بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي رَأَيْتُهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَالْعِمْرَانِيِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنْ سُمِعَ مِنْ الْبَائِعِ إقْرَارٌ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَّا كَذَلِكَ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَوَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُبْطِلُهُ فَيَخْرُجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ قَالَ، وَالْحُكْمُ فِي عَكْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا (وَ) يَحْلِفُ (الْبَائِعُ، وَالْمُسْلِمُ) فِي الِاخْتِلَافِ (فِي) كَوْنِ (مَا رُدَّ مَقْبُوضًا) أَيْ فِي أَنَّ مَا رَدَّ عَيْنَ الْمَقْبُوضِ أَوْ غَيْرَهُ بِأَنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ مِنِّي فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُضِيُّ الْعَقْدِ عَلَى السَّلَامَةِ وَبِأَنَّ رَدَّ الْمُسْلِمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ عَلَى الْوَصْفِ الْمُسْتَحَقِّ فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ مِنِّي فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ هُوَ الْمَقْبُوضُ.

وَلَمَّا كَانَ قِيَاسُ الْأَوْلَى أَنْ يَحْلِفَ هُنَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ كَمَا مَرَّ أَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لِفَرْقٍ مَا خَفِيَ) عَلَى الْفَقِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مُعَيَّنًا) الْمُرَادُ الْمُعَيَّنُ فِي إرَادَتِهِ بِأَنْ أَطْلَقَ الذِّرَاعَ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ ذِرَاعًا بِعَيْنِهِ لَا شَائِعًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَيَّنِ هُنَا الْمُبْهَمُ لَا الشَّخْصُ بِأَنْ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ ذِرَاعًا أَوَّلَهُ كَذَا وَآخِرَهُ كَذَا، لِأَنَّ إرَادَةَ ذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ لِيُفْسِدَ الْبَيْعَ وَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَا ذِرْعَانَهَا أَوْ لَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا وَعُرِفَ ذَلِكَ، أَوْ الضَّامِنُ أَنَّهُ كَانَ حِينَ الضَّمَانِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَعُرِفَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهَا إلَّا مُسْتَوْفِي الشُّرُوطِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَنْبَغِي أَنَّ أَحَدَ الْمُتَوَاجِرَيْنِ كَأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِخِلَافِ الْوَاهِبِ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ الْمُصَدَّقُ م ر (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ هُنَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَكُونُ وُجُودُهُ شَرْطًا كَبُلُوغِ الْبَائِعِ كَأَنْ بَاعَهُ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا حِينَ الْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَاحْتُمِلَ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْجِنَايَاتِ يُوَافِقُهُ. اهـ.، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْبَيْعِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهَا إلَّا مَنْ اسْتَوْفَى شُرُوطَهَا وَلَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَالْمَرْأَةُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِدُونِ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ فِي أَصْلِ الْقَاعِدَةِ م ر (قَوْلُهُ تَصْدِيقُهُ أَيْضًا) الْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ مُدَّعِي التَّعَدُّدِ م ر (قَوْلُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَلَا مِنْ نَائِبِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ، وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ) الْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ (قَوْلُهُ مُعَيَّنًا) أَيْ عِنْدَهُ دُونَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِشَاعَةَ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ الذُّرْعَانِ مَعْلُومَةٌ كَعَشَرَةٍ وَقَالَ لَهُ بِعْتُكَ ذِرَاعًا بِدِينَارٍ مَثَلًا فَقَالَ اشْتَرَيْت ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ أَرَدْت بِقَوْلِي ذِرَاعًا أَنْ يُفْرَزَ لَكَ ذِرَاعٌ شَائِعًا نَتَّفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ أَرَدْتَ ذِرَاعًا شَائِعًا فِي الْعَشَرَةِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ الْعُشْرُ هَذَا مُرَادُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الْإِسْنَوِيِّ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا هِيَ قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَرَادَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا حَتَّى لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الشُّيُوعَ حَتَّى يَصِحَّ وَيَكُونُ كَأَنَّهُ بَاعَ الْعُشْرَ مَثَلًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَرْعُهَا عَشَرَةً. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ طب مَا كَتَبَهُ فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا.

(قَوْلُهُ: تَصْدِيقُ الْبَائِعِ) أَيْ يَمِينُهُ شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تَصْدِيقُ مُدَّعِي وُقُوعِهِ عَلَى إنْكَارٍ) أَيْ بِيَمِينِهِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْتُ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ) أَيْ: فَالْإِذْنُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْبَيْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ بَاطِلٌ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ مُطْلَقًا فَالْإِذْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>