للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِيَسْلَمَ مِنْ إيهَامِ تَأْخِيرِ الْحَاوِي لَهَا عَنْهَا أَنَّهَا قَيْدٌ فِيهَا أَيْضًا، وَإِنْ انْدَفَعَ فِي صُورَةِ الِانْقِطَاعِ بِالْفَقْدِ، بِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ قَيْدًا فِيهَا، إذْ مَعَ الْفَقْدِ لَا مُؤْنَةَ لِلنَّقْلِ (فَإِنْ يُجِزْهُ) أَيْ: عَقْدَ السَّلَمِ فِيمَا ثَبَتَ لَهُ فِيهِ الْخِيَارُ (ثُمَّ يَنْدَمْ خُيِّرَا) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ، كَزَوْجَةِ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ وَكَالْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْعَقْدَ عِنْدَ إبَاقِ الْعَبْدِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلتَّسْلِيمِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، وَالْإِسْقَاطُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِّ دُونَ مَا يَجِدُّ فَعُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْفَسْخِ لَمْ يَسْقُطْ.

وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ (مَعْلُومَ قَدْرٍ) بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْكَيْلِ أَوْ بِالْعَدِّ أَوْ بِالذَّرْعِ كَمَا سَيَأْتِي لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، مَعَ قِيَاسِ مَا لَيْسَ فِيهِ عَلَى مَا فِيهِ فَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ (فِي كَبِيرٍ جِرْمَا) مِمَّا يُتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ (بَيْضًا وَفَوْقَهُ) أَيْ: كَبَيْضٍ وَمَا فَوْقَهُ كَسَفَرْجَلٍ وَبِطِّيخٍ وَرُمَّانٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَبَقْلٍ وَقَصَبٍ (بِوَزْنٍ) ، فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ بِالْكَيْلِ لِلتَّجَافِي فِيهِ، وَلَا بِالْعَدِّ لِكَثْرَةِ تَفَاوُتِ أَفْرَادِهِ، وَلَا يُقْبَلُ أَعَالِي الْقَصَبِ الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ وَيُقْطَعُ مَجَامِعُ عُرُوقِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَيُطْرَحُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقُشُورِ (أَمَّا مَا لَا يُكَالُ عَادَةً) ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرَ الْجِرْمِ (فَلْيُوزَنْ) أَيْضًا (كَفَتِّ مِسْكٍ) وَعَنْبَرٍ، إذْ الْيَسِيرُ مِنْهُ مَالِيَّتُهُ كَثِيرَةٌ وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَبْطًا فِيهِ، وَهَذَا مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ ثُمَّ ذَكَرَ: أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْإِمَامُ فِيمَا لَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَبْطًا، فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ انْتَهَى.

وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ: بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لَهُ؛ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ إنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْكَيْلُ فِيهِمَا ضَبْطًا لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بِالثِّقْلِ عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ تَرْكِهِ، وَفِي اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ فَيَصِحُّ فِيهِ كَيْلًا، فَلَا مُخَالَفَةَ (مَعَ عَدِّ اللَّبِنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ: مَا لَا يُكَالُ عَادَةً يُوزَنُ فَقَطْ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَبِنًا وَمَعَ عَدِّهِ، إنْ كَانَ لَبِنًا فَيَقُولُ مَثَلًا: أَلْفُ لَبِنَةٍ وَزْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَذَا؛ لِأَنَّهُ يُضْرَبُ بِالِاخْتِيَارِ، فَلَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَالْأَمْرُ فِي وَزْنِهِ عَلَى التَّقْرِيبِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْوَزْنِ وَالْعَدِّ اشْتَرَطَهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِرَاقِيُّونَ أَوْ مُعْظَمُهُمْ الْوَزْنَ، وَنُصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ لَوْ تَرَكَهُ، فَلَا بَأْسَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَثَخَانَتَهُ وَأَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ (وَوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ) أَيْ: وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ بِالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

فِيمَا عَدَا الْمَوْجُودَ إلَّا بِرِضَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرّ. (قَوْلُهُ لِيَسْلَمَ مِنْ إيهَامِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: مَعَ تَقْدِيمِهِ مَا ذُكِرَ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ الْإِيهَامِ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ الْمُتَوَسِّطَ يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا سم

(قَوْلُهُ وَبَقْلٍ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَفِيمَا أَيْ وَيَبْطُلُ السَّلَمُ فِيمَا قُصِدَ مِنْهُ وَرَقُهُ وَلُبُّهُ كَالْفُجْلِ وَالْخَسِّ، بِخِلَافِ مَا قُصِدَ لُبُّهُ فَقَطْ كَالْجَزَرِ وَالسَّلْجَمِ مَقْطُوعِ الْوَرَقِ اهـ. وَفِي الْقُوتِ أَطْلَقَا جَوَازَ السَّلَمِ فِي الْبُقُولِ وَزْنًا كَمَا سَبَقَ، وَجَعَلَهَا الْمَاوَرْدِيُّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ. قِسْمٌ: يُقْصَدُ مِنْهُ شَيْئَانِ كَالْخَسِّ وَالْفُجْلِ يُقْصَدُ لُبُّهُ وَوَرَقُهُ، فَالسَّلَمُ فِيهِ بَاطِلٌ لِاخْتِلَافِهِ وَقِسْمٌ: كُلُّهُ يُقْصَدُ فَيَجُوزُ وَزْنًا وَقِسْمٌ: يَتَّصِلُ بِهِ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ كَالْجَزَرِ وَالسَّلْجَمِ، وَهُوَ اللِّفْتُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ وَرَقِهِ اهـ. فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمِ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ، وَلَعَلَّهُ إنْ تَعَدَّدَ الْمَقْصُودُ يُوجِبُ اخْتِلَافَهُ وَعَدَمَ انْضِبَاطِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ: جَوَازُ السَّلَمِ فِي اللُّبِّ وَحْدَهُ أَوْ الْوَرَقِ وَحْدَهُ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا فَلَا يُسْلَمُ فِيهِمَا إلَّا وَزْنًا. (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِيهِ كَيْلًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُقْبَلُ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ فِي قِشْرِهِمَا الْأَسْفَلِ فَقَطْ، بَلْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا إلَّا فِي الْقِشْرِ الْأَسْفَلِ اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

غَالِيًا غُلُوُّهُ عَمَّا يُعْهَدُ.

(قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ بِدُونِ اشْتِرَاطِ قَطْعِ الْأَعَالِي، لَكِنْ إذَا أُحْضِرَتْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِالْأَعَالِي لَا يَجِبُ قَبُولُهَا، وَهُوَ الَّذِي فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ إلَّا بِاشْتِرَاطِ قَطْعِ الْأَعَالِي. (قَوْلُهُ الصِّغَارِ) قَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا زِنَةُ الْوَاحِدَةِ سُدُسُ دِينَارٍ وَرَدَّهُ م ر: بِأَنَّ هَذَا الْوَزْنَ يَقْتَضِي كَوْنَهَا مِنْ الْكِبَارِ وَلَعَلَّهُ بِحَسْبِ زَمَنِ ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ. (قَوْلُهُ عَلَى التَّقْرِيبِ) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أُرِيدَ التَّحْدِيدُ صَحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُضْرَبُ عَنْ اخْتِيَارٍ اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ عَلَى التَّقْرِيبِ) أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّحْدِيدُ اُعْتُبِرَ اهـ. ق ل الْجَلَالُ (قَوْلُهُ أَيْضًا عَلَى التَّقْرِيبِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ بِالْوَزْنِ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) وَيَصِحُّ فِي الْمَوْزُونِ عَدَا إذَا عُلِمَ قَدْرُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالنَّقْدَيْنِ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْوَزْنِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ اهـ. ق ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>