للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْكَيْلِ، وَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا فِي صَغِيرِ الْجِرْمِ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ مِثَالِهِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لَا يَجُوزُ الْمَوْزُونُ إلَّا بِالْوَزْنِ وَالْمَكِيلُ إلَّا بِالْكَيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَثَمَّةَ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ. (وَلَا يُغَيَّرُ) الْمُسْلَمُ فِيهِ عَمَّا قُدِّرَ بِهِ مِنْ وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ (فِي الْقَبْضِ) ، فَلَا يُقْبَضُ الْمَشْرُوطُ وَزْنُهُ كَيْلًا وَبِالْعَكْسِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَلِشَبَهِهِ بِالِاعْتِيَاضِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ فِي دَيْنِ السَّلَمِ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ (لَا بِذَيْنِ) أَيْ: الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّقْدِيرُ بِهِمَا مَعًا فِي كَبِيرِ الْجِرْمِ وَصَغِيرِهِ، فَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةِ صَاعِ بُرٍّ عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ وَفِي مَعْنَاهَا الثِّيَابُ وَنَحْوُهَا، فَلَا تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ مَعَ وَصْفِهَا بِخِلَافِ الْخَشَبِ؛ لِأَنَّ زَائِدَهُ يُنْحَتُ.

وَقَوْلُهُ (فِيمَا يَصْغُرُ) أَيْ: جِرْمُهُ مِمَّا لَا يُتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَيُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَبْطًا مُتَعَلِّقٌ بِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمَا بَيْنَهُمَا مُعْتَرِضٌ، وَصَغِيرُ الْجِرْمِ الَّذِي يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (كَالْجَوْزِ) إذَا كَانَ (مُسْتَوِيَ الْقُشُورِ) وَاللَّوْزُ كَذَلِكَ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ قُشُورُهُمَا غِلَظًا وَرِقَّةً لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِيهِمَا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا اسْتَدْرَكَهُ الْإِمَامُ عَلَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازَ، وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ ذَلِكَ: وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِمَا فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَتَبِّعٌ لَا مُخْتَصِرٌ. (وَالْعَدَدْ) بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لِلْوَزْنِ أَيْ: وَكَوْنِهِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ بِالْعَدِّ. (وَالذَّرْعِ فِي نَحْوِ الثِّيَابِ) مِنْ الْبُسُطِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَنْسُوجَةٌ بِالِاخْتِيَارِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا لَا يُوزَنُ وَلَا يُكَالُ، وَلَا يُصْنَعُ بِالِاخْتِيَارِ يَكْفِي فِيهِ الْعَدُّ كَالْحَيَوَانِ، وَالْمَائِعَاتُ يَجْرِي فِيهَا الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَلَفْظَةُ نَحْوِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ. (وَفَسَدْ تَعْيِينُهُ) أَيْ: تَعْيِينُ الْعَاقِدِ (الْمِكْيَالَ) ، وَإِنْ اُعْتِيدَ الْكَيْلُ بِهِ (وَالْعَقْدَ) الْمُعَيَّنَ فِيهِ ذَلِكَ (بَطَلْ) أَيْضًا (بِفَقْدِ الِاعْتِيَادِ) أَيْ: عِنْدَ فَقْدِ اعْتِيَادِ الْكَيْلِ بِهِ كَكُوزٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ عَلَى صِفَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ عَلَى صِفَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ آخَرَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ هَذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ.

وَالسَّلَمُ الْحَالُّ كَالْمُؤَجَّلِ أَوْ كَالْبَيْعِ وَجْهَانِ، وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، أَمَّا إذَا اُعْتِيدَ الْكَيْلُ بِهِ بِأَنْ عَرَفَ مَا يَسَعُ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَإِنْ فَسَدَ التَّعْيِينُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا غَرَضَ فِيهَا، وَيَقُومُ مِثْلُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَهُ فَلَوْ شَرَطَا أَنْ لَا يُبْدَلَ بَطَلَ الْعَقْدُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُسَابَقَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْبَيْعِ، وَتَعْيِينُ الْمِيزَانِ وَالذِّرَاعِ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ، فَلَوْ شَرَطَ الذَّرْعَ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ لَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَالْمُؤَجَّلِ) وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ فَرَاجِعْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ مِثَالِهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قُبِلَ بِالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ بِالْكَيْلِ، وَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَصْلٌ فِي الْمِثَالِ الْآتِي، وَهُوَ تَنَاقُضٌ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِمَا فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ مِنْ أَنَّ لِلْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَصْلَيْنِ فِي بَابَيْنِ، فَالْأَصْلُ فِيهِمَا فِي بَابِ الرِّبَا الْكَيْلُ، وَيَجُوزُ هُنَا بِالْوَزْنِ، وَالْأَصْلُ فِيهِمَا هُنَا الْوَزْنُ، وَيَجُوزُ بِالْكَيْلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ الْوَزْنُ التَّقْرِيبِيُّ، فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا جُمِعَ بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ فِي الْبِطِّيخِ وَالذَّرْعِ وَالْوَزْنِ فِي الثَّوْبِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهَا إلَخْ) فَالْوَصْفُ لِلثِّيَابِ قَائِمٌ مَقَامَ الْكَيْلِ (قَوْلُهُ فَلَا تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ) أَيْ التَّحْدِيدِيِّ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَشَبِ) أَيْ: وَلَوْ أُرِيدَ وَزْنُهُ تَحْدِيدًا لِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ مُتَتَبِّعٌ) أَيْ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ لَا مُخْتَصِرٌ) بَلْ قِيلَ إنَّهُ آخِرُ مُؤَلَّفَاتِهِ اهـ. زي اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ) وَيَقُومُ مِثْلُهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَإِنْ اُعْتِيدَ) الْمُرَادُ بِالِاعْتِيَادِ أَنْ يُعْرَفَ قَدْرُ مَا يَسَعُ، وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ مَعَهُمَا، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاعْتِيَادِ أَنْ لَا يُعْرَفَ لِمَنْ ذُكِرَ قَدْرُ مَا يَسَعُ اهـ. زي اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ وَالْعَقْدُ بَطَلَ) وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ إلَخْ) هَذَا لَا يَشْمَلُ الْحَالَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ وَقْتُ الْقَبْضِ وَلَا يُقَالُ: لَا غَرَرَ فِي الْحَالِّ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ يَحْتَاجُ لِتَعْيِينِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَرُبَّمَا أُخِّرَ التَّعْيِينُ فِي الْحَالِّ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ) أَيْ إنْ كَانَا ذَاكِرَيْنِ لِتِلْكَ الصِّفَةِ وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ، بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْعَيْنِ لَا تَعْتَمِدُ الْوَصْفَ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَقَطَعَ إلَخْ) لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ قَدْ يُؤَخَّرُ تَعْيِينُهُ (قَوْلُهُ وَقَطَعَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ كَقَوْلِهِ: مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ أَوْ الصُّبْرَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْمَعْلُومَةِ لَهُمَا، وَأَمَّا الْمُسْلَمُ فِيهِ فَهُوَ فِي الذِّمَّةِ فَالْفَارِقُ مَوْجُودٌ اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ وَتَعْيِينِ الْمِيزَانِ) كَأَنْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك

<<  <  ج: ص:  >  >>