بعشرين ألف دينار، فقال أهلها: لا تخرج حتى نصلح من شأنها، فقالت الرسل: لا حاجة لكم بذاك! معنا ما يصلحها. قال: فخرج بها حتى أتي بها سقاية سليمان، قال: فأنزلها رسله فقالت: لا والله لا أخرج حتى يأتيني قوم كانوا يدخلون علي فأسلم عليهم، قال: فامتلأ ذلك الموضع من الناس، قال: ثم خرجت فوقفت بين الناس، وهي تقول:
فارَقوني وقد عَلِمتُ يَقِيناً ... ما لمَن ذاقَ فُرقَةً من إيابِ.
إنّ أهلَ الحِصَابِ قد ترَكوني ... في وُلوعٍ يذكو بأهلِ الحِصَابِ.
سكنوا الجِزْعَ وهو جِزْعُ أبي مو ... سى إلى النخلِ من صفيّ الشبابِ.
أهلُ بَيتٍ تَتَابعُوا للمَنَايَا، ... ما على الدهرِ بعدهم من عِتابِ.
قال: فما زالت على ذلك تبكي ويبكون حتى راحت، ثم أرسلت إليهم بثلاثة آلاف درهم.
يزيد يموت حزناً على حبابة
حدث أبو علي بن شاذان قال: حدثني أبي أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني هارون بن موسى قال: حدثني موسى بن جعفر بن أبي كثير وعبد الملك بن الماجشون قال: لما مات عمر بن عبد العزيز قال يزيد: والله ما عمر بأحوج إلى الله مني.
قال: فأقام أربعين ليلةً يسير بسيرة عمر، فقالت حبابة لخصي له كان صاحب أمره: ويحك قم بي حيث يسمع كلامي ولك علي عشرة آلاف درهم، فلما مر يزيد بها قالت:
بَكَيتُ الصِّبي جهلاً فمن شاء لامني ... ومَن شاءَ آسى في البُكاءِ وأسعَدا.
ألا لا تَلُمه اليَوْمَ أن يَتَلَبّدا ... فقَد مُنِعَ المَحزُونُ أن يَتَجَلّدا.