وَما العَيشُ إلاّ ما تَلَذُّ وتَشتَهي ... وإنْ لامَ فيهِ ذو الشنّانِ وَفَنّدا.
إذا كنتَ عِزْهاةً عن اللهوِ والصِّبي ... فكن حجراً من يابِس الصّخرِ جَلمَدا.
قال أبو موسى: وهذا الشعر للأحوص، فلما سمعها قال للخصي: ويحك! قل لصاحب الشرط يصلي بالناس. وقال يوماً: والله إني لأستحيي أن أخلوا بها، ولا أرى أحداً غيرها، وأمر ببستان، وأمر بحاجبه أن لا يعلمه بأحد.
قال: فبينما هو معها أسر الناس بها، إذ حذفها بحبة رمان، أو بعنبة، وهي تضحك، فوقعت في فيها فشرقت فماتت، فأقامت عنده في البيت حتى جيفت، او طادت تجيف، ثم خرج فدفنها، وأقام أياماً، ثم خرجن وهليه الهم بادياً، حتى وقف على قبرها فقال:
فإن تسلُ عنكِ النفسُ أوْ تدع الصِّبي ... فباليَأسِ أسلو عنكِ لا بالتّجَلّدِ.
وَكُلُّ خَلِيلٍ لامَتني فهوَ قائِلٌ ... من أجِلكِ هذا هامَةُ اليوْمِ أوْ غَدِ.
ثم رجع فما خرج من منزله حتى خرج بنعشه.
[الصوفي المتعفف]
أخبرنا إبراهيم بن سعيد بقراءتي عليه بمصر قال: أخبرنا أبو صالح محمد بن أبي عدي السمرقندي قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن القاسم بن أليسع بالقرافة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمرو الدينوري قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن عبد الله الصوفي الحافظ قال: قال أبو حمزة الصوفي: رأيت ببيت المقدس فتىً من الصوفية يصحب غلاماً مدةً طويلةً، فمات الفتى، وطال الغلام عليه، حتى صار جلداً وعظماً من الضنى