يديه، فقال: اللهم إنك تعلم أن الليل قد مضى علي سليماً لم أقارف فيه فاحشةً، ولا كتبت الحفظة علي فيه معصية، وأن الذي أضمره في قلبي لو حملته الجبال لتصدعت، أو كان بالأرض لتدكدكت.
ثم يقول: يال ليل اشهد بما كان مني فيك، فقد منعني خوف الله، عز وجل، عن طلب الحرام والتعرض للآثام.
ثم يقول: يا سيدي! أنت بيننا على تقى، ولا تفرق بيننا يوم تجمع فيه الأحباب.
فأقمت معه مدةً طويلةً أراه يفعل ذلك في كل ليلة، وأسمع هذا القول، فلما هممت بالانصراف من عنده قلت له: سمعتك تقول، إذا انقضى الليل: كذا وكذا. فقال: أوقد سمعتني؟ قلت: نعم! قال: فوالله يا أخي إني لأدري من قلبي ما لو داراه سلطاننا من رعيته، لكان من الله حقيقاً فقلت: وما الذي يدعوك إلى صحبة من تخاف على نفسك العنت من قبله؟ وذكر كلاماً اختصرته.
[الصوفي المتقشف]
وبإسناده قال: قال أبو حمزة محمد بن إبراهيم الصوفي: حدثني الصلت بن بهرام المجاشعي قال: حدثني محمد بن االخضر التيمي قال:
كان أبو عمرو الضبابي من أحسن من رأيته وجهاً ممن يصحب الصوفية، وكان لا يرافق أحداً ولا يجالسه ولا يلابسه إلا في طريق، فأتاني ذات يومٍ، ونحن ببلاد الروم، فقال: هل لك في مرافقتي، فغني قد مللت الوحدة، وطالت علي الوحشة.