أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي التوزي في ما أجاز لنا، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد الرصافي، حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة، حدثنا محمد بن موسى بن حماد، حدثني أبو عبد الله العدوي، حدثني الحسين، سمعت أبي يقول: سمعت مصعباً يقول: قرأت على لوحين على قبرين:
أمُغَطّى مني على بَصَرِي في الحُبْ ... بِ أمْ أنتَ أكمَلُ النّاسِ حُسنَا
ورأيت امرأةً عند القبرين، وهي تقول: بأبي لم تمتعك الدنيا من لذتها، ولم تساعدك الأقدار على ما تهوى، فأوقرتني كمداً، فصرت مطيةً للأحزان، فليت شعري كيف وجدت مقيلك، وماذا قلت وقيل لك؟ ثم قالت: استودعتك من وهبك لي، ثم سلبني أسر ما كنت بك.
فقلت لها: يا أمه! ارضي بقضاء الله، عز وجل، وسلمي لأمره! فقالت: هاه نعم! فجزاك الله خيراً، لا حرمني الله أجرك، ولا فتنني بفراقك. فقلت لها: من هذا؟ فقالت: ابني، وهذه ابنة عمه، كان مسمى بها وهي صغيرة، فليلة زفت إليه أخذها وجع أتى على نفسها فقضت فانصدع قلب ابني فلحقت روحه روحها فدفنتهما في ساعة واحدة. فقلت: فمن كتب هذا على القبرين؟
قالت: أنا. قلت: وكيف؟ قالت: كان كثيراً ما يتمثل بهذين البيتين فحفظتهما لكثرة تلاوته لهما، فقلت: ممن أنت؟ فقالت: فزارية. قلت: ومن قائلهما؟ قالت: كريم ابن كريم، سخي ابن سخي، شجاع ابن بطل، صاحب رئاسة. قلت: من؟ قالت: مالك بن أسماء بن خارجة بن حصن يقولهما في امرأته حبيبة بنت أبي جندب الأنصاري. ثم قالت: