قالت: فهل أرسلك إياس إلى احد من أهل وده في حاجة؟ فقالت المولاة: والله لأصدقنك، والله ما جل دائه وعظم بلائه إلا بك، وما أرسلني بالسلام إلا إليك، فأجيبيه إن شئت، أو دعي. فقالت: لا شفاه الله، والله لولا ما أوجب من حقك لأسأت إليك، وزجرتها، فخرجت من عندها كئيبة، فأتته فأعلمته فازداد على ما كان به من مرضه، وأنشأ يقول:
كتمتُ الهوَى حتى إذا شبّ واستوَتْ ... قُوَاه، أشاعَ الدّمعُ ما كنتُ أكتُمُ.
فيا وَيحَ نفسي كيف صَبري على الهوَى ... وقلبي وروحي عندَ مَن ليسَ يرْحمُ.
قال: ثم إن عمه دخل عليه ليعرف خبره، فقال له: يا عم، إلي مخبرك بشيء لم أخبرك به حتى برح الخفاء ولم أطق له محملاً، فأخبره الخبر، فزوجه فأفاق وبرأ من علته.
[إبليس يغني]
أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري في ما أجاز لنا قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا الربيعي قال: قال إبراهيم القارئ: رأيت إبليس في النوم شيخاً أبيض الرأس واللحية، وهو يغني بصوتٍ شجٍ:
أسهَرْتَ لَيلَ المُستَهامْ، ... ونَفَيتَ عن عيني المنامْ.
وَهَجَرْتَني مُتَعَمّداً، ... ما هكَذا فِعلُ الكِرَامْ.