ولم يتمالك الغلام أن شهق أيضاً شهقةً خر منها ميتاً.
قال منصور: فأخذنا في جهازهما، وغسلناهما وكفناهما، وصلينا عليها، ودفناهما، رحمهما الله.
[الدب المنقطع إلى الله]
أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الخياط قال: حدثنا أبو الحسن علي بن جهضم بمكة قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سالم قال: قال سهل يعني ابن عبد الله: أول ما رأيت من العجائب والكرامات أني خرجت يوماً إلى موضع خال وطاب لي المقام، وكأني وجدت من قلبي قربةً إلى الله، عز وجلن وحضرت الصلاة، وأردت الطهور، وكانت عادتي من صباي أن أجدد الوضوء عند كل صلاة، وكأني اغتممت لفقد الماء، فبينا أنا كذلك إذا دب يمشي على رجليه، كأنه إنسان، ومعه جرة خضراء ممسك بيده عليها.
قال سهل: فلما رأيته من بعيد توهمت أنه آدمي، حتى إذا دنا مني وسلم علي ووضع الجرة بين يدي قال: أبو محمد؟ فجاءني العلم يعترض، وذلك من شريطة الصحة، فقلت في نفسي: هذه الجرة، والماء من أين هو؟ فنطق الدب، وقال: يا سهل! إنا قوم من الوحش قد انقطعنا إلى الله، عز وجل، بعزم التوكل والمحبة، فبينا نحن نتكلم مع أصحابنا في مسألة إذ نودينا: ألا إن سهل بن عبد الله يريد ماءً للوضوء، فوضعت هذه الجرة في يدي، وبجنبتي ملكان، حتى دنوت منك فصاب فيها هذا الماء من الهواء، وأنا أسمع خرير الماء.
قال سهل: فغشي علي، فلما أفقت إذا أنا بالجرة موضوعة، ولا علم لي بالدب أين ذهب، وأنا متحسر إذ لم أكلمه، فتوضأت، فلما