وعلى أبيها، فلم تزل تتعبد حتى ماتت. فكان الفتى يأتي قبرها كل ليلة، فيدعوه لها ويستغفر وينصرف. فأخبرنا أنه رآها في المنام فقال لها: فلانة؟ قالت: نعم، ثم قالت:
نعم المحبة، يا سؤلي، محبتكم، ... حب يجر إلى خير
إلى نَعيمٍ وعَيشٍ لا زَوَالَ لَه، ... في جنّة الخلدِ خلدٍ ليسَ بالفاني.
قال: فقلت لها: أيتها الحبيبة، أفتذكرينني هناظ؟ قال: فقالت: والله إني لأتمناك على مولاي ومولاك، فأعني على نفسك بطاعته، فلعله يجمع بيني وبينك في داره، ثم ولت، فقتل لها: متى أراك؟ قلت: تراني قريباً إن شاء الله. قال: فلم يلبث الفتى بعد هذه الرؤيا إلا قليلاً حتى مات فدفن إلى جانبها.
[صخر بن الشريد وزوجته]
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الحازري بقراءتي عليه قال: حدثنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا الأصمعي قال: التقى صخر بن عمرو بن الشريد السلمي ورجل من بني أسد، فطعن الرجل صخراً، فقيل لصخر: كيف طعنك؟ قال: كان رمحه أطول من رمحي بأنبوب، فضمن صخر منها، وطال مرضه، وكانت أمه إذا سئلت عنه، قالت: نحن بخير ما رأينا سواده بيننا، وكانت امرأته، إذا سئلت عنه، قالت: لا هو حي فيرجى، ولا ميت فينعى، فقال صخر: