فعدت لإلى موضع البعير فإذا البعير ورأسه ناحيةً، ثم أتيتها بعد لأعلم الخبر، فغذا هي وسط النساء تحدث وتقول: والله لضرب رأسي، فما أخطأ منه شعرة.
[أبو دهبل والمرأة الشامية]
أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن خلف قال: حدثني أبو العابس أحمد بن يحيى قال: حدثنا الزبير بن أبي بكر قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال: حدثني إبراهيم بن أبي عبد الله قال: خرج أبو دهبل الجمحي يريد الغزو وكان رجلاً جميلاً صالحاً، فلما كان يجيرون جاءته امراة فأعطته كتاباً، فقالت له: اقرأ هذا! فقرأه لها، ثم ذهبت، فدخلت قصراً، ثم خرجت إليه، فقالت له: لو بلغت معي إلى هذا القصر فقرأت الكتاب على امرأة فيه كان لك أجر، إن شاء الله. فبلغ امعها القصر، فلما دخل، إذا فيه جوار كثيرة، فأغلقن عليه باب القصر، فإذا امرأة جميلة قد أتته فدعته إلى نفسها، فأبى، فأمرت به فحبس في بيت من القصر، وأطعم وسقي قليلاً قليلاً حتى ضعف وكاد يموت، ثم دعته إلى نفسها، فقال: أما في الحرام فلا يكون ذلك أبداً، ولكن أتزوجك. قالت: نعم! فتزوجها، وأمرت به فاحسن إليه حتى رجعت نفسه إليه، فأقام معها زماناً طويلاً لم تدعه يخرج من القصر، حتى يئس منه أهله وولده، وزوج أولاده بناته واقتسموا ميراثه.
وأقامت زوجته تبكي، ولم تقاسمهم ماله، ولا أخذت من ميراثه شيئاً، وجاءها الخطاب، فأبت واقامت على الحزن والبكاء عليه، قال: فقال أبو دهبل لامرأته يوماً: إنك قد أثمت فيّ وفي ولدي، فأذني لي أن أخرج إليهم، وأرجع إليك. فأخذت عليه أيماناً ألا يقيم إلا سنةً