أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن الجاز القرشي بالكوفة بقراءتي عليه سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وأنا متوجه إلى مكة، قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد بن إسحاق البزاز في ما كتب به إلينا قال: حدثنا أبو هريرة أحمد بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن محمد بن إسماعيل بن موسى قال: رأيت في كتاب الأخبار لأبي أن المأمون لما خرج إلى خرسان كان في بعض الليل جالساً في ليلة مقمرة إذ سمع مغنياً يغني من خيمة له:
قالُوا: خُرَاسان أقصى ما تحاوِلُه، ... ودونَ ذاكَ، فقَد جُزْنا خُرَاسانا.
ما أقدَرَ اللهَ أن يُدني بِعِزّتِه ... سُكانَ دِجلَةَ من سكان جَيحانا.
عَيناً أظُنّ أصَابَتنَا، فلا نَظَرَتْ، ... وَعُذّبت بِصنُوفِ الهجرِ ألوَانا.
متى يكونُ الذي أرجو وآمُلُه، ... أما الذي كنتُ أخشاه فقد كانا.
فخرج المأمون من موضعه حتى وقف على الخيمة، وعلمها، فلما كان من الغد وجه فأحضر صاحب الخيمة، وهو شاب، فسأله عن اسمه، فقال العباس بن الأحنف. قال: أنت الذي كنت تقول:
متى يكونُ الذي أرجو وآمُلُه، ... أمّا الذي كنتُ أخشاه فقد كانا.