فطال به البلاء، وأقعده عن الحركة الضنى، فكان لا يقدر أن يمشي خطوةً فما فوقها، فأتيته يوماً لأعوده، فقلت: يا أبا محمد! ما قصتك، وما الأمر الذي بلغ بك ما أرى؟ فقال: أمور امتحنني الله تعالى بها، فلم أصبر على البلاء فيها، ولم يكن لي بها طاقة ولا يدان، ورب ذنبٍ استصغره الإنسان مما يزينه له الشيطان هو عند الله تعالى أعظم من ثبير، وحقيق لمن تعرض للنظر الحرام أن تطول به الأسقام. ثم بكى.
فقلت: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن يكون حسابي إلى النار يطول فيها شقائي. فانصرفت عنه، وأنا راحم له لما رأيت به من سوء الحال.
[الطرف الغرار]
وبإسناده قال: قال أبو حمزة: وكنت مع ثابت بن السري الصوفي، فنظر إلى غلام، فقال: يا طول حزناه مما أرتنيه عيني، لقد تركني وأنا لا آنس غلى نظر بعد نظرتي هذه! يا شر ما أتاني به المقدور في النظر إلى الغرور، غرني والله طرفي حتى استمكن من حتفي.
ثم قال: كم أستقيل الله، عز وجل، فيقيلني، وكم أستعفيه فيعفيني، لقد خفت أن يكون ذلك استدراجاً منه حتى يأخذني بذلك كله، في وقت حاجتي إليه عند قدومي عليه.