فَخَصّكِ اللهُ بِفَذٍّ ... وَغْدِ يَنَامُ في بَيتِكِ نَوْمَ فَهْدِ.
قال: فمات، فوالله ما انقضت عدتها، إلا ريثما تزوجت، فكأنه كان يرى زوجها، وهو كما وصف.
[لم يفوا ولم يرحموا]
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الأردستاني بمكة في المسجد الحرام قال: أخبرنا الأستاذ أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المذكر قال: سمعت أبا الفوارس بن حنيف بن أحمد بن حنيف الطبري قال: سمعت أبا الحسن العيشي المؤدب يقول: انحدرت من بالس أريد العراق، فدخلت الموصل، فأقمت بها أياماً، فبينا أنا مار في بعض أزقتها، إذا صياح وجلبةٌ، فسألت عنها فقيل: ههنا دار المجانين، وهذا صوت بعضهم، فدخلت، فإذا شاب مشدود متشحط في الدم، فسلمت، فرد السلام، وقال: من أين؟ تجيء قلت: من بالس. قال: وأين تريد؟ قلت: العراق. فقال: أتعرف بني فلان؟ وأشار إلى أهل بيتٍ. قلت: نعم. قال: لا صنع الله لهم ولا خار لهم، هم الذين أدهشوني وتيموني وأحلوني هذا المحل. قلت: وما فعلوا؟ قال:
زَمّوا المَطايا واستَقلّوا ضُحىً ... ولم يُبالوا قلبَ مَن تَيّمُوا.
ما ضَرّهُم، واللهُ يرْعاهُمُ، ... لوْ وَدّعُوا بالطَّرْفِ أوْ سَلّموا.
ما زِلتُ أذري الدمعَ في إثرِهِم، ... حتى جرَى من بَعدِ دمعي دمُ.
ما أنصَفوني، يوْمَ بانوا ضُحىً، ... ولم يفُوا عَهدي ولم يَرْحَمُوا.