أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي قراءة عليه قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن محمد بن علي الجرادي الكاتب قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: أخبرنا عبد الرحمن عن عمه عن يونس قال: انصرفت من الحج فمررت بماوية وكان لي فيها صديق من بني عامر بن صعصعة، فصرت إليه مسلماً، فأنزلني، فبينا أنا عنده، ونحن قاعدان بفنائه، إذا نساءٌ مستبشرات، وهن يقلن: تكلم تكلم! فقلت: ما هذا؟ فقالوا: فتىً منا كان يعشق ابنة عم له، فزوجت، وحملت إلى ناحية الحجاز، فإنه لعلى فراشه منذ حول ما تكلم، ولا أكل، إلا أن يؤتى بما يأكله ويشربه. فقلت: أحب أن أراه. فقام، وقمت معه فمشينا غير بعيد، وإذا بفتىً مضطجع بفناء بيت من تلك البيوت، لم يبق منه إلا خيال، فأكب الشيخ عليه يسأله، وأمه واقفة، فقالت: يا مالك! هذا عمك أبو فلان يعودك، ففتح عينيه، وأنشأ يقول:
ليبكِني اليومَ أهلُ الوُدّ والشَّفَقِ، ... لم يبقَ من مهجتي إلاّ شفا رَمَقِ.