أخبرنا أبو القاسم المحسن بن حمزة الشرطي، رحمه الله تعالى، بقراءتي عليه بتنيس في كتاب التسلي، حدثنا أبو علي الحسن بن علي الديبلي الكوفي، حدثني جماعة من أهل طبرية منهم أبو يعقوب وأبو علي ابنا يعقوب الحذاء وأبو الحسين بن أبي الحارث وأبو الفرج الصوفي وغيرهم.
أنه كان عندهم رجل صوفي يعرف بالقاسم الشراك وكانت له عنيزات يرعاهن. وقال لي بعضهم: إنه لم يكن يحضر معهم مجالس السماع، ويجتذبونه إلى ذلك فلم يكن له رغبة فيه. قالوا: فبينا هو يرعى عنيزاته إذ سمع صبياً من صبيان الصحراء يغني في حقل:
إنّ هَوَاكَ الذي بِقلْبي ... صَيّرَني سَامعاً مُطِيعا
قال: فاعتراه طرب شديد، فقال للصبي، وأقبل نحوه: كيف قلت؟ ففزع الصبي وعدا، وهو يقول: لا بأس عليك! كيف قلت يا صبي؟ فلم يقف له ورجع إلى قصائدي كان لهم بطبرية يقال له حميد الفاخوري، حاذق بهذا المعنى، فتردد إليه ثلاثة أيام يردد عليه هذه الأبيات، ثم تخلف في منزله عليلاً، يصيح: فؤداي فؤادي، إلى أن قضى، رحمه الله تعالى.