قال: فأقبلت على صاحبي متعحباً من حالها، فقالت: مم تعجب؟ فقلت: من جمالك. قالت: فوالله لو رأيت بنيةً لي رأيت ما لم يخطر على قلبك من حسن امرأة. قلت: فأرينيها! قالت: إنه يقبح ذلك. قلت: إنما نريد أن نستتم الحديث، ولعلنا أن لا نلتقي أبداً.
قال: فأشارت إلى جانب الخباء، فسفرت منه جارية كأنها الشمس، فبهتنا ننظر إليها ثم أسبلت الستر، فكان آخر العهد بها.
أحيا الناس جميعاً
أنبأنا الشيخ الصالح أبو طالب محمد بن علي بن الفتح، أخبرنا أبو الحسين محمد ابن أخي ميمي، حدثنا جعفر الخالدي، حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق، حدثنا محمد الحسين البرجلاني، حدثني أشرس بن النعمان، حدثني الجزري، حدثني موسى بن علقمة المكي قال: كان عندنا ههنا بمكة نخاس، وكانت له جارية، وكان يوصف من جمالها وكمالها أمر عجيب، وكان يخرجها أيام الموسم، فتبذل فيها الرغائب، فيمتنع من بيعها، ويطلب الزيادة في ثمنها، فما زال كذلك حينا، وتسامع بها أهل الأمصار، فكانوا يحجون عمداً للنظر إليها.
قال: وكان عندنا فتىً من النساك قد نزع إلينا من بلده، وكان مجاوراً عندنا، فرأى الجارية يوماً، في أيام العرض لها، فوقعت في نفسه، وكان يجيء أيام العرض، فينظر إليها، وينصرف. فلما حجبت أحزنه ذلك، وأمرضه مرضاً شديداً، فجعل يذوب جسمه، وينحل، واعتزل الناس، فكان يقاسي البلاء طول السنة إلى أيام الموسم، فإذا خرجت الجارية