للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما كان في آخر الليل شهق شهقة، وجعل يحشرج كحشرجة الموت، فلما أفاق قلت له: يا أبا عبد الله!؟ ما كان حالك منذ الليلة؟ قال: فصرخ، ثم قال: يا عنبسة، ذكر العرض على الله، عز وجل، قطع أوصال المحبين، ثم غشي عليه، ثم أفاق، فسمعته يقول: سيدي أتراك تعذب عبدك؟

؟

[لا محبوب إلا الله]

وأخبرنا أبو بكر أيضاً، حدثني يحيى بن علي الطيب العجلي، سمعت عبد الله بن محمد الدامغاني يقول: سمعت الحسن بن علي بن يحيى بن سلام يقول: قيل ليحيى بن معاذ: يروى عن رجل من أهل الخير قد كان أدرك الأوزاعي وسفيان، أنه سئل: متى تقع الفراسة على الغائب؟ قال: إذا كان محباً لما أحب الله مبغضاً لما أبغض الله، وقعت فراسته على الغائب. فقال يحيى:

كلّ محبُوبٍ، سِوَى اللهِ، سرَفْ ... وَهُمُومٌ وَغُمُومٌ وَأَسَفْ

كلّ محبُوبٍ، فَمِنْهُ خَلَفٌ، ... ما خَلا الرّحمنَ ما منهُ خَلَفْ

إنّ للحُبّ دَلالاتٍ، إذا ... ظهرَتْ من صَاحِبِ الحبّ عُرِفْ

صَاحِبُ الحُبّ حَزِينٌ قَلبُهُ، ... دائمُ الغُصّةِ مَحزُونٌ دَنِفْ

هَمُّهُ في اللهِ لا في غَيْرِهِ، ... ذاهِبُ العَقلِ وَباللهِ كَلِفْ

أشعَثُ الرّأسِ خَمِيصٌ بطنُهُ، ... أصْفَرُ الوَجنَةِ والطَّرْفُ ذَرّفْ

دَائِمُ التّذكارِ مِنْ حُبّ الذي ... حُبُّهُ غَايَةُ غَايَاتِ الشّرَفْ

<<  <  ج: ص:  >  >>