وطمعوا أن ياتوا الأمر من قبلها، فقالوا: والله لئن أتاك، لا تزرين به، وتتجهمينه، وتقولين له: أنت أبغض الناس إلي، فلا تقربني، ونحن بمرأى منك ومسمع، ليفعلن بك ما يسوءك، فأتاها، فلم تكلمه بشيء مما قالوا، ولم تزد على أن نظرت إليه، ونظر إليها، ثم أرسلت عينيها بالبكى، فانصرف عنها، وهو يقول:
فبينما هما على أشد ما كانا عليه من الهوى والصبوة، إذ هجم عليهم جيش خالد بن الوليد يوم الغميصاء، فأخذ الغلام رجل من أصحاب خالد، فأراد قتله، فقال له: ألمم بي أهل تلك البيوت أقضي إليهن حاجةً، افعل ما بدا لك.
قال: فأقبلت به حتى انتهى إلى خيمة منها، فقال: إسلم حبيش بعد انقطاع العيش، فأجابته فقالت: سلمت وحياك الله عشراً، وتسعاً وتراً، وثلاثاً تترى، فلم أر مثلك يقتل صبراً. وخرجت تشتد، وعليها خمار أسود، وقد لاثته على رأسها، وكان وجهها مثل القمر ليلة البدر، فقال حين نظر إليها: