للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمّا بَدا مِنكَ لَنَا المُجَمجَمُ، ... وَاللهُ رَبّي شَاهدٌ قَد يَعلَمُ

أنْ رُبّ خِطبٍ شَأنُهُ يُعَظَّمُ، ... رَدَدتُهُ، وَالأنفُ مِنهُ يُرْغَمُ

قال: فانطلقت الجارية، فإذا هي بصخر، فأبلغته قولها، فوجدته كالشن البالي قد هلك حزناً ووجداً. فقال لها: يا حسن أحسني بي فعلاً، وأبيني لي عذراً، وسلي لي غفراً وصلحاً، فوالله ما ملكت أمري، وقولي لها:

فهمتُ الذي عيّرْتِ يا خِيرَ مَن مَشَى، ... وَما كانَ عن رَأيي وَما كان عن أمرِي

دُعيتُ فلم أفعل، وَزُوّجتُ كارِهاً، ... وَما ليَ ذنبٌ، فاقبلي وَاضِحَ العُذرِ

فإنْ كنتُ قَد سُمّيتُ صَخراً، فإنّني ... لأضعفُ عن حَملِ القليلِ من الصّخرِ

وَلَستُ، وَرَبِّ البّيتِ، أبغي مُحَدَّثاً ... سِوَاكِ، وَلَوْ عِشنا إلى مُلتَقى الحَشرِ

فقالت له حسن: يا صخر! إن كنت تزعم أنك كاره تزويج أبيك إياك فاجعل أمر امرأتك بيدي لأعلم ليلى أنك لها محب ولغيرها قال، وأنك كنت مكرهاً. فقال: لا! ولكن قد جعلت ذلك في يد ابنة عمي.

فانصرفت إليها فأخبرتها بما دار بينهما، وقالت: قد جعل الأمر إليك، وما عليه عتب فطلقيها منه. قالت ليلى: هذا قبيح، ولكن عديه الليلة إلى موضع متحدثنا، ثم أطلّق إن جعل أمرها إليك، فإنه لم يكن ليردك بحضرتي.

فمضت الجارية، فأخذت موعده، فاجتمعا وتشاكيا، وتعاتبا، ثم قالت له الجارية: اجعل أمر أهلك إلي، فوالله إن ليلى لأفضل بني عقيل نسباً وأكرمهم أباً وحسباً، وإنها لأشد لك حباً، فقال صخر: فأمرها في يدك. قالت: فهي طالق منك ثلاثاً، فأظهرت ليلى من ذلك جزعاً، وأن الذي فعلت جاريتها شق عليها. فتراجعا إلى ما كانا عليه من اللقاء ولم يظهر صخر طلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>