للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مني إذا عليه درع أصفر وعمامة خر سوداء، وإذا هو تنال فروع شعره كتفيه، فقلت في نفسي: غلام حديث عهدٍ بعرس، فأعجلته لذة الصيد فنسي ثوبه وأخذ ثوب امراته. فما لبث أن لحق بالمسحل فصرعه ثم ثنى طعنة الأتان فصرعها، ثم أقبل، وهو يقول:

نَطْعَنُهُم سُلكى وَمخلوجَةً ... كَرَّكَ لأمينِ عَلى نابِلِ.

قال فقلت: إنك قد تعبت وأتعبت. فلو نزلت. فثنى رجله فنزل فشد فرسه بغصن من أغصان الشجرة ثم أقبل حتى جلس قريباً مني، فجعل يحدثني حديثاً ذكرت به قول الشاعر:

وَإنّ حَديثاً مِنْكِ، لو تَبذُلينَه، ... جنى النحلِ في ألبانِ عَودٍ مَطافِلِ.

قال: فبينا هو كذلك إذ حك بالسوط على ثنيته، فرأيت، والله، يا ابن أبي ربيعة ظل السوط بينهما، فما ملكت نفسي أن قبضت على السوط فقلت: مه! فقال: ولم؟ قلت: إني أخاف أن تكسرهما، فإنهما رقيقتان. قال: هما عذبتان، ثم رفع عقيرته فجعل يغني:

إذا قَبّلَ الإنْسانُ آخرَ يَشْتَهي ... ثَنَاياهُ لم يَأثَمْ وكانَ له أجْرَا.

فإن زَادَ زادَ اللهُ في حَسَنَاتِهِ ... مَثاقِيلَ يمحو اللهُ عنه بها الوِزْرَا.

ثم قال لي: ما هذا الذي تعلقت في سرجك؟ قلت: شراب أهداه إلي بعض أهلط، فهل لك فيه؟ قال: وما أكرهه. فأتيته به فوضعه بيني

<<  <  ج: ص:  >  >>