فينشر من قبره وينفخ في صوره، ويدعى لحشره ونشوره، فثم بعثرت قبور، وحصلت سريرة صدور، وجيء بكل نبي وصديق وشهيد، وقصد للفصل بعبده خبير بصير، فكم زفرة تغنيه وحسرة تفضيه! في موقف مهيل، ومشهد جليل، بين يدي ملك عظيم، بكل صغيرة وكبيرة عليم؛ حينئذ يلجمه عرقه ويحفزه قلقه؛ عبرته غير مرحومة، وضرعته غير مسموعة، وحجته غير مقبولة؛ تنشر صحيفته، وتبين جريرته؛ حين نظر في سوء عمله، وشهدت عينه بنظره، ويده ببطشه، ورجله بخطوه، وفرجه بلمسه، وجلده بمسه؛ ويهدده منكر ونكير، فكشف له عن حيث يصير؛ فسلسل جيده، وغلغل يده؛ وسيق يسحب وحده، فورد جهنم بكرب وشدة؛ فظل يعذب في جحيم. ويسقى شربة من حميم؛ يشوى وجهه، ويسلخ جلده، يضربه ملك بمقمع من حديد، يعود جلده بعد نضجه كجلد جديد؛ فيستغيث فيعرض عنه خزنة جهنم، ويستصرخ فلم يجب، ندم حيث لم ينفعه ندمه، فيلبث حقبة؛ نعوذ برب قدير، من شر كل مصير، ونسأله عفو من رضى عنه، ومغفرة من قبل منه؛ فهو ولى مسألتي، ومنجح طلبتي، فمن زحزح عن تعذيب ربه، جعل في جنته بقربه، وخلد في قصور