ولكنا نعجب من أنفسنا إذ أرسلناك؛ اجلس، ثم قالوا لعروة بن مسعود: انطلق إلى محمد ولا تؤتين من ورائك، فخرج عروة حتى أتاه فقال: يا محمد ما رأيت رجلا من العرب سار إلى مثل ما سرت إليه سرت بأوباش الناس إلى عترتك وبيضتك التي تفلقت عنك لتبيد خضراءها تعلم أني قد جئتك من عند كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد لبسوا جلود النمور عند العوذ المطافيل يقسمون بالله لا تعرض لهم خطة إلا عرضوا لك أمرا منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لم نأت لقتال ولكنا أردنا أن نقضي عمرتنا وننحر هدينا، فهل لك أن تأتي قومك فإنهم أهل قتب١ وإن الحرب قد أخافتهم وإنه لا خير لهم أن تأكل الحرب منهم إلا ما قد أكلت فيخلون بيني وبين البيت فنقضي عمرتنا وننحر هدينا ويجعلون بيني وبينهم مدة تزيل فيها نساؤهم ويأمن فيها سربهم، ويخلون بيني وبين الناس فإني والله لأقاتلن على هذا الأمر الأحمر والأسود حتى يظهرني الله أو تنفرد سالفتي، فإن أصابني الناس فذاك الذي يريدون، وإن أظهرني الله عليهم اختاروا؛ إما قاتلوا معدين وإما دخلوا في السلم وافرين. قال: فرجع عروة إلى قريش فقال: تعلمن والله ما على الأرض قوم أحب إلي منكم، إنكم الإخواني،
١ قتب: القتب للجمل كالا كاف لغيره. النهاية ٤/١١. ب.