على ذلك الحال إذ طلع عليهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد خلا له أسفل مكة متوشح السيف فرفع سهيل رأسه فإذا هو بابنه أبي جندل فقال: هذا أول من قاضيتك عليه رده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا سهيل إنا لم نقض الكتاب بعد قال: وما أكاتبك على خطة حتى ترده قال: فشأنك به. فبهش١ أبو جندل إلى الناس. فقال: يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين يفتنوني في ديني فلصق به عمر وأبوه آخذ بيده يجتره وعمر يقول: إنما هو رجل ومعك السيف فانطلق به أبوه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه، فلما اجتمع نفر فيهم أبو بصير ردهم إليهم أقاموا بساحل البحر، فكأنهم قطعوا على قريش متجرهم إلى الشام فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا نراها منك صلة أن تردهم إليك وتجمعهم، فردهم إليه، فكان فيما أرادهم النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب أن يدعوه يدخل مكة فيقضي نسكه وينحر هديه بين ظهريهم، فقالوا: لا تتحدث العرب أنك أخذتنا ضغطة أبدا ولكن ارجع عامك هذا، فإذا كان قابل أذنا لك فاعتمرت وأقمت ثلاثا
١ فبهش: ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما "أن رجلا سأله عن حية قتلها فقال: "هل بهشت إليك" أي: أسرعت نحوك تريدك. النهاية ١/١٦٦. ب.