إليها وإن يدي لفي يد بعضهم وظننت أن القوم يبصرونهم فإذا هم لا يبصرونهم، فجاء بعض الحي فقال: هذا غلام أصابه لمم أو طائف من الجن، فانطلقوا بنا إلى الكاهن ينظر إليه ويداويه، فقلت له: يا هذا! ليس بي شيء مما تذكرون، إن لي نفسا سليمة وفؤادا صحيحا وليس بي قلبة، فقال أبي - وهو زوج ظئري: ألا ترون كلامه صحيحا؟ إني لأرجو أن لا يكون بابني بأس، فاتفق القوم على أن يذهبوا بي إلى الكاهن، فاحتملوني حتى ذهبوا بي إليه فقصوا عليه قصتي، فقال اسكتوا حتى أسمع من الغلام فإنه أعلم بأمر، فقصصت عليه أمري من أوله إلى آخره، فلما سمع مقالتي ضمني إلى صدره ونادى بأعلى صوته: يا للعرب! اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه، فو اللات والعزى! لئن تركتموه ليبذلن دينكم وليسفهن أحلامكم وأحلام آبائكم وليخالفن أمركم وليأتينكم بدين لم تسموا بمثله، فانتزعته ظئري من يده وقالت: لأنت أعته منه وأجن، ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به، ثم احتملوني ما ردوني إلى أهلي، فأصبحت مغموما مما دخل بي، وأصبح أثر الشق ما بين صدري إلى منتهى عانتي كأنه شراك. فذاك حقيقة قولي وبدء شأني". فقال العامري: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أمرك حق، فأنبئني بأشياء أسألك عنها، قال: "سل عنك" - وكان يقول للسائلين قبل ذلك