ابن علاط البهزي ثم السلمي أنه خرج في ركب من قومه يريد مكة، فلما جن عليهم الليل وهم في واد وحش مخيف قفر فقال له أصحابه: يا أبا كلاب! قم فاتخذ لنفسك ولأصحابك أمانا، فقام الحجاج فجعل يقول:
أعيذ نفسي وأعيذ صحبي. ... من كل جني بهذا النقب
حتى أؤوب سالما وركبي ...
فسمع قائلا يقول:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} فلما قدموا مكة أخبر بذلك في نادي قريش، فقالوا صدقت والله يا أبا كلاب! إن هذا مما يزعم محمد أنه أنزل عليه؟ قال: قد والله سمعته وسمعه هؤلاء معي! فبينما هم كذلك إذ جاء العاصي بن وائل، فقالوا له: يا أبا هشام! أما تسمع ما يقول أبو كلاب؟ قال: وما يقول؟ فخبروه بذلك، فقال: وما يعجبكم من ذلك؟ إن الذي سمعه هناك هو الذي ألقاه على لسان محمد، فنههنه١ ذلك القوم عني ولم يزدني في الأمر إلا بصيرة، فسألت عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت أنه قد خرج
١ فنهنه: في حديث وائل "لقد ابتدرها اثنا عشر ملكا، فما نهنهها شيء دون العرش" أي ما منعها وكفها عن الوصول إليه. النهاية ٥/١٣٩. ب