غلب خضرتها بياضنا فصارت وجوهنا خضرا وثيابنا خضرا وإذا عليها خبز ورمان وموز وعنب ورطب وبقل ما خلا الكراث، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"كلوا بسم الله،" قالا: فقلنا: يا رسول الله! أمن طعام الدنيا هذا؟ قال:"لا"، قال لنا:"هذا رزقي ولي في كل أربعين يوما وأربعين ليلة أكلة تأتيني بها الملائكة وهذا تمام الأربعين يوما والليالي، وهو شيء يقول الله له: كن فيكون". فقلنا: من أين وجهك؟ قال: "وجهي من خلف رومية، كنت في جيش من الملائكة مع جيش من المسلمين غزوا أمة من الكفار، فقلنا: فكم يسار من ذلك الموضع الذي كنت فيه؟ قال: أربعة أشهر، وفارقته أنا منذ عشرة أيام، وأنا أريد إلى مكة أشرب بها في كل سنة شربة وهي ريتي وعصمتي إلى تمام الموسم من قابل، فقلنا: فأي المواطن أكثر مقامك؟ قال: الشام وبيت المقدس والمغرب واليمن وليس من مسجد من مساجد محمد صلى الله عليه وسلم إلا وأنا أدخله صغيرا كان أو كبيرا، قلنا: الخضر متى عهدك به؟ قال: منذ سنة، كنت قد التقيت أنا وهو بالموسم وقد كان قال لي: إنك ستلقى محمدا صلى الله عليه وسلم قبلي فأقرئه مني السلام، وعانقه وبكى، ثم صافحناه وعانقناه وبكى وبكينا، فنظرنا إليه حتى هو في السماء كأنه يحمل حملا، فقلنا: يا رسول الله!