عنه، حتى إذا كان الغد عاد فنام في مضجعه ذلك فأتى فقيل له: احفر طيبة، فقال: وما طيبة؟ ثم ذهب عنه، فلما كان الغد عاد لمضجعه فنام فيه فأتى فقيل له: احفر زمزم، فقال: وما زمزم؟ فقال: لا تنزف ولا تذم، ثم نعت له موضعها، فقام يحفر حتى نعت له، فقالت له قريش: ما هذا يا عبد المطلب؟ فقال: أمرت بحفر زمزم فلما كشف عنه وبصروا بالطي قالوا: يا عبد المطلب! إن لنا حقا فيها معك! إنها لسر أبينا إسماعيل، فقال: ما هي لكم، لقد خصصت بها دونكم، قالوا: تحاكمنا؟ قال: نعم، قالوا: بيننا وبينك كاهنة بني سعد بن هذيم، وكانت بأشراف الشام، فركب عبد المطلب في نفر من بني أمية، وركب من كل بطن من أفناء قريش نفر، وكانت الأرض إذ ذاك مفاوز فيما بين الحجاز والشام، حتى إذا كانوا بمفازة من تلك البلاد فني ماء عبد المطلب وأصحابه حتى أيقنوا بالهلكة، ثم اسقوا القوم، فقالوا: ما نستطيع أن نسقيكم وإنا نخاف مثل الذي أصابكم، فقال عبد المطلب لأصحابه: ماذا ترون؟ قالوا ما رأينا إلا تبع لرأيك، قال: فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته، فكلما مات رجل منكم دفعه أصحابه في حفرته حتى يكون آخركم يدفعه صاحبه، فضيعة رجل أهون من ضيعة جميعكم