للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بينا نحن مع النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة وهو يسرّ الإسلام، ومعه عصابة من المسلمين، إذ هتف هاتف على بعض جبال مكة من الليل، وفتية من المشركين يسمعون صوته ويعرفون قوله، وهو يقول:

قبّح الله رأي كعب بن فهر ... ما أدقّ العقول والأحلام

بينها باهي يعيب عليها ... دين آبائها الحماة الكرام

حالف الحيّ حليف نصر ... عليهم، ورجال النخيل والآكام

توشك الخيل أن تروها جهارا ... تقتل القوم في البلاد التهامي

هل كريم منكم له نفس حرّ ... ماجد الوالدين والأعمام

ضاربا ضربة تكون نكالا ... ورواحا من كربة واغتمام

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-:قال عامر بن ربيعة: فوثب المشركون علينا وهمّوا بنا. قال: فلما بلغ النبي صلّى الله عليه وسلم صياح الصائح، قال عامر بن ربيعة: هذا شيطان فيمن يدخل في الأوثان، ويكلّمهم فيها، ولم يعلن شيطان بتحريض على نبي قطّ‍ إلاّ قتله الله-تعالى-.

قال عامر بن ربيعة-رضي الله عنه-:فمكثنا ثلاث ليال ثم دخل علينا النبي صلّى الله عليه وسلم في بيت عند الصفا-كنا نجتمع فيه-مسرورا، فقال: «أشعرتم أنّ الله-عزّ وجلّ -قتل الشيطان المحرّض عليكم، قتله رجل من عفاريت الرجل، يدعى: سمحجي، فأسميته: عبد الله، لم يزل في طلبه منذ ثلاث حتى ظفر به البارحة، فقتله».قال عامر بن ربيعة: فلما أمسينا من ليلة أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم صادقا مصدّقا، هتف هاتف بالمكان الذي هتف فيه الشيطان فقال:

نحن قتلنا مسعرا، لمّا طغى واستكبرا ... وصغر الحقّ وسنّ المنكرا

<<  <  ج: ص:  >  >>