للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر

البرك التي عمّرت بمكة وتفسير أمرها

وقال بعض أهل مكة عن أشياخه: إنّ سليمان بن عبد الملك كتب إلى خالد بن عبد الله القسري: أن أجر لي عينا من الثقبة (١) يخرج من مائها العذب الزلال، حتى تظهر بين زمزم والمقام، تضاهي بها-فيما ذكروا- زمزم. قال: فعمل خالد بن عبد الله البركة التي بفم الثقبة، يقال لها: بركة القسري، ويقال لها بركة السروي (٢)،وهي قائمة إلى اليوم بأصل ثبير، فعملها بحجارة منقوشة طوال، وأحكمها وأنبط‍ ماءها في ذلك الموضع، ثم شقّ لها فلجا يسكب فيها من الثقبة، [وبنى سدّ الثقبة وأحكمه] (٣) -والثقبة: شعب يفرع فيه وجه ثبير-ثم شقّ من هذه البركة عينا/تخرج إلى المسجد الحرام، فأجراها في قصب (٤) من رصاص حتى أظهرها من فوّارة (٥) تسكب في


(١) سيأتي ذكرها في القسم الجغرافي-إن شاء الله-وهي المتن الشرقي لجبل ثبير الأثبرة، ويعرف بعضها اليوم ب‍ (الغسالة) على يمين الذاهب إلى الطائف من طريق السيل، وهي مقابلة تماما لحراء.
(٢) نسبة إلى السراة سراة اليمن، وخالد منهم. وتصحفت هذه اللفظة عند الأزرقي إلى (البردي).
(٣) العبارة في الأصل (وبها شيّد القبة وأحكمها) وهو تصحيف، أصلحته من الأزرقي. ولا زالت آثار هذا السد واضحة إلى اليوم، بعد مدخل الغسالة بقليل، وقد قسّمه شارع الغسالة إلى نصفين.
(٤) القصب: واحدته قصبة، وأصله: العظم المستدير الأجوف، والنبات ذو الأنابيب، ثم أطلق على كل شيء مستدير أجوف، من أي معدن كان. والمراد هنا أنابيب من رصاص. اللسان ٦٧٥/ ١. وهذا-إن صحّ -عمل عجيب، أن تمدّ أنابيب من رصاص بطول يساوي ٥ كلم أو أكثر، لا يقل قطر الأنبوب عن ١٠ بوصات على أقل تقدير، بشكل موزون وانسيابي يسمح بمرور الماء دون قوّة دافعة، وفي منطقة وادي مكة، ذي السيول العظيمة العارمة، وفي ذلك الزمن المبكر من تاريخ الحضارة الإسلامية إنه عمل يدعو إلى التأمل إن صحّت الرواية.
(٥) أي: موضع يفور منه الماء، ويطلق عليه اليوم (النافورة).اللسان ٦٧/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>