للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسقيّة (١) من رخام بين زمزم والركن والمقام.

فلما أن جرت وظهر ماؤها أمر القسري بجزر فنحرت بمكة، وقسمت بين الناس، وعمل طعاما فدعا إليه الناس، ثم أمر صائحا، فصاح: الصلاة جامعة، وأمر بالمنبر، فوضع في وجه الكعبة، ثم صعده فحمد الله-تعالى- وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، احمدوا الله، وادعوه لأمير المؤمنين، الذي سقاكم الماء العذب الزلال [النقاخ] (٢)،بعد الماء الملح الأجاج، الذي لا يشرب إلا صبرا (٣).

قال الشاعر يذكر الماء النقاخ العذب:

فمنهنّ ما يسقى بعذب مبرد ... نقاخ، فتلكم طافت واستقرّت

ومنهنّ ما يسقى بأخضر آجن ... طريف فلولا خشية الله برّت (٤)

يريد: أعلنت وأنارت. وقال العرجي (٥) -واسمه عبد الله بن عمرو بن


(١) جمعها: فساقي، وهي: الحوض. وهي لفظة مولّدة. تاج العروس ٤٩/ ٧.المنجد ص:٥٨٣.
(٢) في الأصل (القناح) وهو تصحيف. ومعنى النقاخ: الماء البارد العذب الصافي الخالص، الذي يكاد ينقخ الفؤاد ببرده. وقيل: هو الماء الكثير ينبطه الرجل في الموضع الذي لا ماء فيه. اللسان ٦٤/ ٣.
(٣) وقد وردت هذه القصة بألفاظ‍ أخرى تدل على جبروت وطغيان، وزندقة ... ولعلّ القسري بريء من مثل هذه-والعلم عند الله-لأن الرجل كان فيه نصب وعداء لأهل البيت، فتناولته ألسنة الشيعة من الرواة، فنسبوا إليه أشياء قبيحة، بل طعنوا في نسبه، ومرؤته وخلقه، وإذا أردت أن تعرف ما قالوه فيه فارجع إلى كتاب الأغاني، والعقد الفريد، والرجل مع هناته كانت له مواقف خدم فيها الإسلام، في قمعه لأهل البدع والضلال، وغيرته العربية مشهورة حتى دعته لمنع الغناء، والتفرقة بين الرجال والنساء في الطواف، وغير ذلك. وقد أورد ابن كثير بعض ما يستقبح من أخباره ثم قال (والذي يظهر أن هذا لا يصح عنه، فإنه كان قائما في إطفاء الضلال والبدع كما قدمنا من قتله للجعد بن درهم، وغيره من أهل الإلحاد، وقد نسب إليه صاحب العقد أشياء لا تصح، لأن صاحب العقد كان فيه تشيع شنيع، ومغالاة في أهل البيت، وربّما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيّع، وقد أغتر به شيخنا الذهبي فمدحه بالحفظ‍ وغيره) البداية والنهاية ٢١/ ١٠.
(٤) الآجن: الماء المتغير الطعم واللون، لسان العرب ٨/ ١٣.
(٥) تقدّم التعريف به في الخبر (١٦٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>