لأرقد، فلما تلففت بكسائي، سمعت صوتا من أقصى المقبرة: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. فقعدت أسمع ساعة، فو الله ما رأيت أحدا، فلمّا ان هويت لأرقد، إذا أنا بالصوت يقول مثل قوله الأول: لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، فخرجت، وقلت: والله لا أنتهي حتى أنظر ما الخبر؟ فدرت في المقبرة ساعة ما أسمع شيئا ولا أرى أحدا، حتى إذا هويت لأخرج سمعت الصوت، فخرجت أؤمّ الصوت، فقعدت ليلا لاستمع، فإذا بالصوت يخرج من القبر: لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، فأتيت القبر فعلّمته بحجارة، ثم خرجت فرقدت ثم ترددت إلى القبر أطلب أين هو، فوجدت عجوزا عنده، فقلت لها: أيا أمة من صاحب هذا القبر؟ فارتاعت لمسألتي عنه، وقالت: ما له وما سؤالك عنه؟ فأخبرتها بالذي سمعت، فقالت: وسمعته؟ قلت: نعم. قالت:
فو الله ما فاتته في رقاده، يتكلم بها لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
ويقال: إنّ قصي بن كلاب دفن بالحجون، وهي المقبرة الأولى.
وحدّ الحجون (١):الجبل المشرف الذي بحذاء المسجد الذي يلي شعب
(١) ما ذكر في طرفي الحجون لا يعرف اليوم، فالمسجد الذي بحذاء شعب الجزّارين (شعب أبي دبّ) لا يوجد اليوم، كما أنّ حائط عوف، وبيوت ابن الصيقل لا يعرفان اليوم كذلك. فكأنّ الفاكهي يريد بالمسجد هنا: المسجد الذي أقامه بغا بالقرب من بئر أبي موسى الأشعري، عندما نثلها وأصلحها وبنى عندها سقّاية وجنبذا، ومسجدا. وكما قلت: إنّ المسجد لا يوجد اليوم، وأمّا البئر-