فتجد الأزرقي عند ما يذكر بابا من أبواب المسجد الحرام، أو اسطوانة من أساطينه مثلا، يصفها ويمضي إلى غيرها.
أما الفاكهي فيصف ما وصف الأزرقي، لكنه يزيد عليه بأمور منها:
أ) يذكر أهم الحوادث التي صاحبت هذا الأمر الموصوف، أو جرت عنده. فعندما ذكر اسطوانة من أساطين المسجد، قال: وهذه التي كان يتعبّد عندها سفيان بن عيينة. وهذه التي كان يصلي إليها ابن جريج. وهذه التي صلّي عندها علي سفيان بن عيينة. وهكذا يمضي في اضافات ممتعة قد لا تجدها إلاّ عنده.
وقد ينشد الفاكهي ما قيل في ذلك الموضع الموصوف من شعر، أو ما حدث عنده من طرائف الأخبار.
ب) اهتمامه الواسع في نقل وتسجيل ما رآه من كتابات على أبواب المسجد الحرام، وأساطينه، وما رآه في حجرة زمزم، داخلها وخارجها، وما رآه مكتوبا على المقام بغير اللغة العربية، وغير ذلك كثير جدا، وهذه ميزة هامة.
ثم ان هذا النقل، ظهرت عليه دلائل الأمانة والصدق، والدقة في التسجيل، يدلنا على ذلك، مباشرة الفاكهي لهذه القضايا بنفسه، دون الاعتماد على غيره، قال بعد الأثر ١٤٥:(وشبرت أنا بيدي غير مرة الركن الأسود وذرعته، فإذا هو في طول إثني عشر اصبعا بإصبعي، وعرضه سبع أصابع، وذرعته يوم الخميس، قبل الزوال في المحرم سنة:٢٦٤ هـ.
وقد نقل لنا ما رآه على المقام ثم قال: (وحكيته كما رأيته مخطوطا فيه، ولم آل جهدي).
ثم قال:(فهذا الذي استبان لي من الخطوط، وقد بقيت منه بقية لم تستبن لي فلم أكتبها)(١).
ثم إن الفاكهي لم يقف عند هذا، بل استعان بأهل الاختصاص في حل رموز ما وجده مكتوبا، فأطلع عليه شيخه:(أبا الحسن علي بن زيد الفرائضي) وهذا الثاني ذهب بصورة الكتابة إلى مصر حيث يعرف رجلا عالما بمثل هذه الخطوط، فترجم له عبارة ذلك الخط، ونقل لنا الفاكهي هذه الترجمة بأمانة.