للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال (١): (ثم ولي مكة علي بن الحسن ... إذ دخل عليه قوم من الحجبة وأنا عنده فكلّموه في المقام وقالوا: إنه قد وهى، وتسلّلت أحجاره، ونحن نخاف عليه، فإن رأيت أن تجدّد عمله وتضبيبه حتى يشتدّ، فأجابهم إلى ما طلبوا من ذلك) ثم ذكر صفة قلع المقام، وصفة تضبيبه بالذهب، والفضة، وقدر ما وضع فيه من الذهب والفضة، وصفة الأطواق التي طوّق بها المقام، وكيف سمّرت هذه الأطواق، وكم استغرق ذلك من الوقت، ومتابعة والي مكة لذلك كلّه، بأدق وصف وأبين عبارة ممّا لا يوجد في كتاب غيره، خلص إلى القول (حتى إذا كان يوم الاثنين، وذلك أول يوم من شهر ربيع الأول، أرسل علي بن الحسن-يعني والي مكة-إلى الحجبة يأمرهم بحمل المقام إلى دار الإمارة، ليركّبوا عليه الطوقين اللذين عملا له على ما وصفنا، ليكون أقل لزحام الناس، فأتوا به إلى دار الامارة، وأنا عنده، وعنده جماعة من الناس من حملة العلم، وغيرهم، في ثوب يحملونه حتى وضعوه بين يديه، فجاء بشر الخادم-مولى أمير المؤمنين (وقد قدم في هذه السنة على عمارة المسجد الحرام، ومسجد النبي صلّى الله عليه وسلم واصلاحهما) فأمر علي بن الحسن الفعلة أن يذيبوا العقاقير، فأذابوها بالزئبق، ثم أخرج المقام، وما سقط منه من الحجارة، فألصقها بشر بيده بذلك العلك. حتى التأمت، وأخذ بعضها بعضها .. ) ثم وصف المقام بعد ذلك وصفا دقيقا، وما عليه من الخطوط، والكتابة، وصفا لا تجده في غير كتاب الفاكهي، ثم قال: (فأخذت ذلك الكتاب من المقام بأمر علي بن الحسن بيدي).

فمثل هذه الحادثة تدلنا على مكانة الفاكهي عند أمراء البلد الحرام وأنه لم يدخل في مشاكل سياسية مع الحكّام، بل نرى في كتابه إشارات إلى استبشاع الفتن التي يحدثها الخارجون على السلطة الشرعية في البلد.

ثم تدلنا هذه الحادثة على أنه كان محترما عند علماء مكة، وأنه لم يدخل معهم في منافسة أو عداء، ممّا يحدث بين الأقران. وقد ذكر الفاكهي في كتابه علماء مكة، وقضاتها من قريش ومن غيرهم، والمفتين بها، منذ زمن الصحابة إلى زمانه هو، وآخر المفتين بها هو: عبد الله بن أحمد بن أبي مسرّة (٢).


(١) بعد الأثر ١٠٤٥ في أواخر هذا المجلد.
(٢) توفي سنة ٢٧٩،وقد روى عنه الفاكهي ١٠٧ نصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>