بأبي أنت وأمي، هو ما ترى. قال عبد الله: أتحب أن تسمع هذا الصوت من سلاّمة؟ قال: أخاف إن سمعته منها مت، وها أنا ذا سمعته ممن لا أحبها، فمن أجل حبها كادت نفسي أن تذهب، فكيف منها وأنا لا أقدر على ملكها؟ وعلى الله أتوكل، وأنا أسأل الله الصبر والفرج، إنه على ما يشاء قدير. قال عبد الله: فتعرف سلاّمة/ان رأيتها؟ قال: وأعرف غيرها، قال: فإنّا قد اشتريناها لك، والله ما نظرت إليها، وأمر بها فأخرجت ترفل في الحلي والحلل، فقال: هي هذه بأبي أنت وأمي، والله لقد أحييتني، وفرّجت غمي، وأنمت عيني وأبرأت قرح فؤادي، ورددت إليّ عقلي، وجعلتني أعيش بين قومي وأصحابي كالذي كنت، ودعا له دعاء كثيرا، فقال عبد الله: إني والله لا أرضى أن أعطيكها هكذا، يا غلام، احمل معه مائة ألف درهم لكيلا تهتم بها، وتهتم بك، قال: فراح بها وبالمال قال وقال فيها أيضا:
ما بال قلبك لا يزال تهيجه ... ذكر عواقبه عليك سقام
باتت تعلّلنا وتحسب أنّنا ... في ذاك أيقاظ ونحن نيام
حتّى إذا إنصدع الصّباح لناظر ... فإذا وذلك بيننا أحلام
قد كنت أعذل في الصّبا أهل الصّبا ... عجبا بما تأتي به الأيّام