للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجاب الآخر، واقررت بالتزويج، وأقرّت المرأة، ودعوا بالبركة، ثم نهضا، فاستحييت أن أحمّل الجارية مؤونة من الدنيا، فدفعت إليها دينارا آخر، فقلت: هذا لطيبك. قالت: يا فتى (١) لست ممن يمس طيبا لرجل، إنما أتطيب لنفسي إذا خلوت، فقلت: اجعلي هذا لغدائنا اليوم، قالت: أما هذا فنعم.

ونهضت الجارية، وأمرت بصلاح ما نحتاج إليه، ثم عادت، وتغدّينا، وجاءت بدواة وقضيب، وقعدت تجاهي، ودعت بنبيذ قد أعدّته، واندفعت تغنينا بصوت لم أسمع قط‍ بمثله، وما سمعت بمثل ترنمها لأحد، فكدت أن أجنّ سرورا وطربا، وجعلت أريغ ان تدنو مني فتأبى، إلى أن تغنّت بشعر لا أعرفه:

راحوا يصيدون الظّباء وإنّني ... لأرى تصيّدها عليّ حراما

أعزز عليّ بأن أروّع شبهها ... أو ان يذقن على يديّ حماما

[فقلت] (٢):جعلني الله فداك، من تغنّى بهذا الشعر؟ قالت: جماعة اشتركوا فيه، هو لمعبد وتغنّى به ابن سريج، وابن عائشة، فلما غلب عليها النبيذ [وجاء] (٣) المغرب تغنّت ببيت لم أفهم معناه للشقاء الذي كتب على رأسي، والهوان الذي أعدّ لي:

كأنّي بالمجرّد قد علته ... نعال القوم أو خشب السّواري

/فقلت: جعلت فداك، ما أفهم هذا الشعر؟ ولا أحسبه مما يتغنّى به.

فقالت: أنا أوّل من تغنّى فيه. قلت: إنما هو بيت عائر (٤)! قالت: معه


(١) في العقد (يا أخي).
(٢) في الأصل (فقالت).
(٣) في الأصل (وجاءت).
(٤) عائر: لا يعرف من قائله. يقال للسهم: عائر، إذ لم يدر راميه. وكذا الحجارة. وجمعها: عوائر. تاج العروس ٤٢٨/ ٣.وجاءت هذه اللفظة في العقد (عابر) بالباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>