ويستثنى من مسائل الاعتقاد = أَبوابُ توحيد الرُّبوبيَّة وتوحيد الأَسماء والصِّفات، حيثُ سُجِّلت في رسالة علميَّة مُستقلَّة.
وقد قرأتُ هذه الرِّسالة التي قدَّمها أَخونا عيسى النُّعمي = فأَلفيتُها لونًا راقيًا وعَميقًا من البحث والمناقشة: لغةً، وأُسْلوبًا، وتَوثيقًا، وإنصافًا، مع أَنَّ الموضوعَ مُنازلاتٌ علميَّة فيها الأَخذُ والرَّدُّ، والطَّعنُ والصَّدُّ، وإثارة الشُّبهات وجوابُها، وتقديم العقول القاصرة على نصوص السُّنَّة وحقائِقها، مع تنوُّع الخصوم في أُصولهم العقديَّة ومنطلقاتهم في ردِّ بعض نُصوص السُّنَّة، حيث لم يكونوا مدرسة فكريَّة واحدةً.
والذي يُميِّزُ هذه الرسالةَ المَتِينَةَ = أُمُورٌ:
١ - وضوح الرُّؤيةِ عند الباحث، وصلابتُهُ في الحقِّ - هكذا نحسبُهُ ولا نُزكِّي على الله أَحدًا - حيث جاءت الرِّسالةُ على وتيرةٍ واحدةٍ، وانسجام جيِّد، أَبعد عنها التردُّد والاضطراب الَّذي قد يعتري بعضَ الباحثين؛ خاصَّةً حين يكون البحث يقتضي صولات وجولات مع خصوم فيهم الغلاظ العُتاة.
٢ - كون موضوع الدِّراسة المُتعلِّقة بالمعارضة العقليَّة للسُّنَّة = خاصًّا بالصحيحين، حيث تَبدو الأَهميَّة من وجوه:
أَحدُها: هيبة الصحيحين، ومكانتهما في النُّفوس عند كافَّة المسلمين، فالطعن فيهما ليس كالطَّعن في غيرهما، وإذا كان هذان الكتابان الجليلان قد جاوزا القنطرة وتلقَّتهما الأُمَّة بالقبول، فلا يطعن فيهما رواية أَو دراية = إِلَّا مكابرٌ أَو خصم للإسلام لدود.
الثَّاني: أَنَّ الطعنَ في أَحاديث الصحيحين أَو بعضها = سُلَّمٌ للطَّعنِ في غَيرِها مِن كُتُب السُّنَّة.
بل يجعل الطَّعن فيما دونها أَهونَ وأَسهلَ. وقد أَدرك ذلك الأَعداء