للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث الدالة على وجود الملائكة]

ومَن أنعم النظر في أعطاف هذا النص = تبيَّن له صنوفٌ من المغالطات. فإسناده وصْف الملائكة في كونها كائنات نورانية لها أجسام لطيفة ... = إلى المتخيّل الإسلاميّ تلبيس ظاهر، لا يُسْنده أثارةٌ من علم حتّى نصير إليه؛ بل هو ذاهب مع التخرّص. إذ ليس معه إلاّ التشكيك. والذي يعلمه عوامّ المسلمين - ناهيك عن علمائهم - أن تلك النعوت المذكورة هي حصيلة استقراءٍ لما تضمّنه الوحيُ؛ كتابًا وسُنّةً. فليس للخيال في مَسارِح العقائد مدْخل؛ بل هو الوقوف عند موارد النصوص. ودعوى أنها من توليد المخيال الإسلامي لم يُقِم عليها برهانًا ليُنظَر فيه.

والعجب كل العجب أن يتمادى "بسّام الجمل" في سفسطته، فينكر ورود وصف الملائكة بأن لهم أجنحةً مثنى وثلاث ورباعَ، وأنهم يتشكّلون في صُورٍ كريمةٍ. ويعزو ذلك إلى المتخيّل الإسلامي بزعمه!! وأنّ القرآن غفل عن ذلك؛ مع ورود ذلك في القرآن الكريم. قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} فاطر: ١

وأثبت - سبحانه - تشكّل المَلَك في سياقِ ذكره لقصّة إرساله إلى مريم، فقال -تبارك وتعالى -: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩)} مريم.

وقد ثبتت السنة بذلك - كما سبق إيراده في حديث جبريل - عليه السلام -،

<<  <   >  >>