المبحث الرَّابع تزييف دعوى استناد الصحابة - رضي الله عنهم - إلى المعقول المتمحض في محاكمة النُّصوص
هذه جُملةٌ من القضايا تُساقُ مجردةً عن براهينها ابتداءً، ثم بعد ذلك تقام سُوق البراهين المصححة لها، وهي كالتالي:
القضيَّة الأولى: لم يكن في الصحابةِ من يقول بتقديم عقله على نصِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
القضيَّة الثَّانية: ليس أحدٌ من الصحابة يقولُ إنَّ في الدلائل النقليّة ما يَرِدُ مناقضًا للدلائل العقليَّة.
القضيَّة الثَّالثة: النّظرُ العقلي المُستعمل عند الصحابة - رضي الله عنهم - نظرٌ وظيفي مركب من الدلائل النَّقلية أصالة لا على نظر عقلي مرسل.
أمَّا القضيَّتان الأوليان فبرهان تصحيحهما =انتفاء الدَّليل الدَّال على نقيضهما، فهاتان قضيَّتان كُلِّيتان سالبتان يعجز المخالف عن نقضهما بجزئية موجبة بسوق النقل المصحح لنقضه عن واحد من أَصحاب رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول بتقديم عقله على النص الشرعي، أو يقول: إن الدلائل النقلية منطوية على ما ينافي الدلائل العقليَّة. لذا قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: (لم يكن في الصَّحابةِ من يقول: إنَّ عقله مُقدَّمٌ على نصِّ الرسول، وإنَّما كان يُشْكِلُ على أحدهم قوله فيسألُ عمَّا يُزيل شُبهته، فيتبيَّن له أَنَّ النصَّ لا شُبهة فيه)(١) وقال: (ليسَ من الصحابةِ من قال: إنَّ القرآن أو الخبر