للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: سَوْق دعوى المعارِض العقلي على أحاديث الميزان:

مما استند عليه المخالِفون في إنكار الميزان جملةً، أو إنكار وزْن الأعمال =معارضات عقليَّة، منها:

المعارض الأول: أنّ حَمْل الميزان على حقيقته الواردة في النصوص الشرعية مُحالٌ. ووجْهُ ذلك: أن أعمال الخليقة أعراضٌ (١)، ووزْنُ الأعراض مُحالٌ.

وفي تقرير هذا المُعارض يقول عبد الله السالمي الإباضي: (وإنما عَدَلْنا في تفسير الميزان عن حقيقته المشهورة إلى ما ذكرناه من العدل والإنصاف = لأنّ حَمْلَه على حقيقته المشهورة مُحالٌ. ووجْهُ ذلك: أن أعمال العباد أعراضٌ، ووزْنُ الأعراضِ مُحالٌ، ولذا تردّد الخصْم في حقيقة الموزون، حتى زعم بعضُهم أن الموزون هم الأشخاص، وبعضهم أن الله يخلق في إحدى الكفّتين ظُلْمةً وفي الأخرى نورًا، وبعضُهم أن الأعمال تتجسّد، فتُوْزَن الأجسادُ =والكلُّ باطلٌ، فوجبَ المصيرُ إلى التأويل) (٢).

والقاضي عبد الجبار مع ردِّه على المنكرين للميزان، والقائلين بتأويله بأنه العدلُ والإنصافُ؛ إلاّ أنه لم يستطع الانفكاك من أسْر المذْهب الذي درج عليه، فظلّ وفيًّا له، مستمسِكًا بأصوله. لذا، نصّ على استحالة وزن الأعراض؛ فقال: (وكذلك الميزانُ، يجوز أن يُجعَل


(١) العَرَض عند المتكلِّمين: هو الموجود الَّذي يحتاجُ في وجوده إلى مَوضع؛ أي محل يقوم به: كاللَّون المحتاج في وجوده إلى جسم يحلّه ويقوم هو به="التوقيف على مهمات التعاريف"للمناوي (٥١٠).
(٢) "بهجةُ الأنوار" (١٠٥).

<<  <   >  >>