المطلب الثالث: دفع دعْوى المعارض العقلي عن أحاديث الميزان:
أمّا المعارض الأول: فَمَدَارُها على أصلين فاسدين:
- الأصل الأول: استنادهم إلى طريقة الأعراض.
- الأصل الثاني: قياسُهم الغائب على الشاهد.
فأمّا الأصل الأول:
فإن القول بمنْع وزن الأعمال؛ لكونها أعراضًا أثرٌ من آثار بدعة " دليل الحدوث " الذي تمسَّك به المتكلمون في تقرير إثبات وجود الله: وحدوث العالَم. وقد اسْتولَد هذا الدليلُ الباطلُ بِدَعًا شنيعة أدّت إلى مُجالدة الدلائل الشرعية، و ردِّها، أو تأويلها وتحريفها.
وقد التزموا لأجل " دليل الحدوث " لوازم معلومة الفساد؛ كالقول بأن الأعراض لا تبقى زمانين، واستحالة انتقال الأعراض، ومنع قيام الأعراض بالأعراض .. إلى غير تلك اللوازم الباطلة شرعًا وعقلًا؛ كَنَفْي الصفات الإلهية، وإنكار الرؤية، وإنكار وزْن الأعمال، وغيرها من أمور الآخرة. فالقول بمنع وزن الأعمال؛ لكونها أعراضًا قولٌ باطلٌ، ودلائل ذلك ما يلي:
أولًا: أنّ هذا القول قولٌ مُحْدَث لا بُرهان عليه من الشرع. والخالِق سبحانه وتعالى لم يَكِلْنا لمعرفة ديننا إلى معرفة الأعراض ولا الجواهر، ولا غيرها من الألفاظ المجملة المُحْدَثة. وقد مضى الجيلُ الأول الذي نزل بين أظهرهم الوحيُ، ولم يعرفوا طريقة الأعراض، ولا لوازمَها، مع كمال عقلهم، وموفور دينهم، وحِرْصِهم على كلّ خير. لذا يقول ابن عقيل الحنبلي: (أنا أقطعُ أن الصحابة ماتوا، وما عرفوا الجواهر والعرَض،