للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: سوق دعوى المعارض العقلي على حديث (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات)]

ومما ساقه المخالفون من الشبهات لإبطال ما تضمنه هذا الحديث، ما يلي:

أولًا: أَنَّ من صفاتِ الرَّسولِ أن يكون معصومًا من الكذب، وصدور الكذب منه ولو مرّة، مانع من الوثوق بهم بما أخبروا به. وسبب لتطرُّقِ التُّهْمة إلى الشَّرائع كلِّها فيبطل الاحتجاج بها (١)

ثانيا: أن ما ورد عن إبراهيم - عليه السلام - لا يدخل في حقيقة الكذب، ولا يطلق الكذب على أَقواله تلك إلَّا رَجلٌ قليلُ العقلِ والفَهم؛ فضلًا أن ننسب هذا القول - معاذ الله - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

ثمَّ إنَّ في الحديث إثباتَ الكذب إلى إبراهيم - عليه السلام -. وهذا مناقضٌ لما ثبت في كتاب الله في حقِّه من أنه كان صدِّيقًا، قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٤١)} مريم. والصدِّيق هو الذي لا يكذب (٣)

هذه جمُلة الاعتراضات والشُّبهات التَّي أُوردت على الحديث. وفي تقريرها يقول الرَّازي: (للناس فيه قولان:

أحدهما: وهو قول كافة المحدثين أنه ليس يكذب.

القول الثاني: وهو قول طائفةٍ من أهل الحكايات أن ذلكَ كذبٌ،


(١) "التفسير الكبير" للرازي (٢٢/ ١٨٥ - ١٨٦)
(٢) انظر "تفهم القرآن " لأبي الأعلى المودودي (٣/ ١٦٧ - ١٦٨) نقلًا عن زوابع في وجه السنة (١٦٩)
(٣) انظر: "مشكلات الأحاديث النبوية" (١٣٠)

<<  <   >  >>