المبحث الأول دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بالآيات الحسِّيّة للنبي - صلى الله عليه وسلم -
موقف المخالفين لأهل السُّنّة والجماعة حيال آيات الأَنبياء على جهة العموم، وآيات المصطفى - صلى الله عليه وسلم - على جهة الخصوص، يمكن إِجماله في موقفين:
الأول: تأويلها تأويلًاطبعيًّا.
الموقف الثَّاني: ردّها، وعدم قبولها.
أَمَّا من ذهب إلى تأويل آيات الأَنبياء تأويلًا طبعيًّا: فطائفة من الفَلاسِفة حيثُ لم يقبلوا التسليم بخرق تلك الآيات لنواميس الكون وخروجها عن مقدور الثّقلين، وأخذوا في حَمل ما يرونه قابلًا منها للتعليل حملًا لا يُخرجها عن حدِّ القانون الطَّبيعي، وأَمَّا ماعدا ذلك مما لا يمكن تفسيره تفسيرًا طبعيًا =فكذبوا به، وذلك بناءً على أَصلهم الفاسد من أَنَّه لا يُتصَّور أَن تفعل القوى والطبائع والمؤثِّرات إلاّ في المواد والأَعيان القابلة لذلك، فـ"الهواء" مَثلًا لمَّا كان قابلًا لأن يصير ماءً، أمكن أن يؤثِّر فيه مؤثرٌ فيصبح ماءً وينزل المطر، وأمّا ما لم يكن قابلًا لذلك؛ فلا.
فابن سينا يجوِّز صدور الآيات عن الأنبياء، لكنه يفسرها تفسيرًا يسلبها خاصيّة الخروج عن مقتضى السُّنن، ذلك لكونه يرجعها إلى القانون الطبيعي وأسبابه، فتراه يقول: (لعلّك تبلغك عن العارفين أَخبار،