فإني أحمد ربي على إعانته لي، وتيسيره إتمام مفاصل هذه الرِّسالة؛ فله الحمد في الأولى والآخرة.
وقبل استتمام القول فيها فإنَّه يُحْسُنُ لَفْتُ النَّظَرِ إلى جُملة من النَّتَائِجُ الكُلِّيَّةِ، ونُبَذِ من التَّوصياتِ العِلْميَّةِ.
فأمَّا النَّتَائِجُ فَيُبْرَم القولُ فيها في القَضايا التَّالية:
القضية الأولى: أَنَّ دعوى مُنَاقَضَةِ الدَّلائلِ النَّقليَّةِ للضَّرورةِ العقليَّة = مَفْهُومٌ بلا ما صَدَق. ومنشأُ هذه الدَّعوى النَّكِدَةِ هو اختراع الخصومة بين برهان النَّقل وبرهان العقل، والبراهينُ لا تتناقض.
القضية الثانية: أنَّ ما يُسمِّيهِ بعض أتباع الطوائف الكلامية: ضوابط لما يقبل التأويل من النصوص، وما يمتنع تسليط التأويل عليه = هو أمرٌ لا تجد له - في كثير من الأحيان - تحقيقًا في تصرُّفاتهم التطبيقية. فالضابط الحقيقي عند هؤلاء هو: عدم جَرَيان النَّصِّ على خلاف معقول الناظر منهم.
القضية الثالثة: أنَّ الأصلَ الجامع، والقاسمَ المُشترَكَ بين الطَّوائف الكلاميَّة والمستغربين من علمانيين وغيرهم = هو الانحرافُ في فَهْم وظيفة العقل. والجنايةُ على الدلائل النقلية تبعًا لذلك.